+ -

 يسود في عالم التجارة منذ أشهر وضع متأزم، لم يفهم مرده الكثيرون، واعتبروا بأن حالة الكساد التي تشهدها منتوجاتهم تعود إلى جو عام باحتمال وجود أزمة في الجزائر، تسبق موعد الرئاسيات الذي صار أشبه بالبعبع.ولأن الحكومة تظل ”تتحكم” في كل القطاعات بما فيها الحليب والخبز، فالأزمة لن تكون بمعزل عن ”سياسة” الحكومة، والتي ترتبط أساسا بالموعد الانتخابي ”المصيري” على حد قول الوزير الأول عبد المالك سلال، الذي صار أشبه برجل الإطفاء الذي يسابق الزمن.الغريب أن الهزات الاقتصادية التي حذرت منها منظمات عالمية الجزائر، لم تتحدث يوما عن أزمة حليب الأكياس، أم أن هذه التقديرات والدراسات لم تتفطن إلى أن الجزائر قد يربكها كيس حليب، وهي الدولة التي بإمكانها أن تغرق العالم بحليب طبيعي، فهل يعقل أن تهتز الجزائر بأكملها بسبب كيس حليب، تعود أزمته كل سنة تقريبا.عندما تعجز الحكومات عن تسيير الأزمات الكبرى تستقيل وتنسحب، أما عندنا في الجزائر فالحكومات المتعاقبة تختلق الأزمات ولا أحد يحاسبها، فهل ينبغي اليوم أن نطلب من وزراء عجزوا عن توفير كيس حليب للمواطن المغلوب على أمره، أن ”يقودوا البلاد إلى نهضة حضارية” على حد قول سلال، فشر البلية ما يضحك فعلا؟العيب كل العيب على هذا الشعب أنه لم يستقل، ولم يرفع الراية البيضاء أمام الحكومات المتعاقبة التي تشعره بالقهر والغبن وتتحداه في رغيفه وحليبه ”بوجه صحيح”. الأكيد أن الجزائر تتعامل من الجانب الاجتماعي بطريقة مخزية، وتفرض منطق ”جوع شعبك يتبعك”، لكن إلى متى يبقى كل هذا الخلل، في غياب الحل الحقيقي وحكومة سلال تقدم التبريرات أكثر من الحلول الحقيقية، وتربح الوقت.إن الأزمات التي تشهدها الجزائر ولو كانت بحجم كيس حليب، تبقي على الفرضية الأهم، وهي أن حالة الترقب والقلق التي فرضها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، هي من جعلت أهم الأزمات تطفو إلى السطح، بما فيها أزمة الركود التجاري التي دفعت بالكثير من التجار إلى الاقتراب من حافة الإفلاس. الكل يترقب الآن في الجزائر، والرئاسيات صارت هي من تتحكم في كل الأزمات صغيرة أم كبيرة، للتلاعب بعقول الناخبين، لكن الغريب أن يصل الحد إلى كيس الحليب، الذي صار موازيا للصوت الانتخابي... والأغرب من ذلك أن تعيش دولة بكل مؤسساتها حالة جمود وركود وكأنه سبات شتوي قاتل...ويبقى لسان حال المواطن اليوم يقول ”أبعدونا عن هم العهدة الرابعة وحسابات الانتخابات الضيقة، واتركوا لنا الحليب والخبز حتى لا نموت قبل أفريل؟”. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات