عرف المشهد المسرحي خلال الآونة الأخيرة، تراجعا رهيبا بولاية ميلة، بعد حركية ملحوظة خلال الخمس سنوات الماضية، ليغرق بعد ذلك في الجمود، في الوقت الذي بدأ يطمح لبناء أمجاده بالولاية التي تعاني من قحط ثقافي محاولا تنشيط الساحة الثقافية واستقطاب الشباب من الجيل الجديد، لكنه يواجه مجموعة عراقيل وقفت حجر عثرة في وجه تقدّمه والارتقاء به إلى مستويات أفضل. وبرزت بعض الجمعيات التي كانت تصنع الحدث من خلال بعض الأعمال الفنية الرائعة خلال السبعينيات والثمانينيات، لكن تلك الطفرة سرعان ما انطفأت شعلتها وخنقتها الظروف الاجتماعية والسياسية التي مرت بها البلاد فأوقفت تقدمها وأنهت مغامرتها. غير أن عشاق هذا الفن رفعوا التحدي وصمدوا أمام قساوة الظروف، فظهرت جمعيات جديدة وتألقت أخرى وتمردت على الواقع المتردي الذي ساد الساحة الثقافية خلال السنوات العجاف. ومن تلك الجمعيات جمعية
“ميلاف 86” التي صنعت التميّز وأعادت الروح للمسرح بولاية ميلة. وقد ساعد على نجاحها وجود الصّرح الثقافي “مبارك الميلي” الذي كان فضاء مفتوحا أمام هذه الجمعية الهاوية، مما ساعدها على الإبداع وتطوير المهارات وصقل المواهب. وكانت النتيجة أن حققت نجاحا باهرا من خلال أعمال مسرحية ممتعة استقطبت عددا كبيرا من المعجبين على غرار مسرحيات “الملك هو الملك “ لسعد الله ونوس ومسرحية “افترض ما حدث فعلا” من المسرح التجريبي ومسرحية “الرحلة” ومسرحية “الموقوف رقم 0 8”، وكلها أعمال من إبداع هذه الجمعية التي حاولت نفض الغبار عن هذا الفن وصناعة جمهور للمسرح بميلة، خاصة بعد نجاحها في تنظيم المهرجان الوطني للمسرح التجريبي “ملو” أربع مرات كاملة، وهو المهرجان الذي تنفرد به ولاية ميلة على المستوى الوطني ويأمل المشرفون عليه أن يترسم كمهرجان وطني مستقبلا. غير أن هذه الجمعية التي تألقت وحاولت أن تصنع التفرد وتعيد جمهور المسرح إلى القاعات، سرعان ما أخذ منحنى نشاطها في التراجع بعد أن سدت في وجهها الأبواب هي الأخرى ولم تعد تلقى الدعم الكافي ماديا ومعنويا، مما أدخل الشك في نفوس أفرادها الذين أصيبوا بالإحباط وخيبة أمل. يأمل رئيس جمعية “ميلاف 86” رضا بولبصير، أن يلقى المسرح الدعم اللازم والتشجيع، من خلال إرادة حقيقية لدى المسؤولين ومن خلال مبادرات ومشاريع من شأنها أن تبعث “أبا الفنون” من جديد، وذلك بإقامة مسرح بميلة على غرار الولايات المجاورة، أو بناء مدرسة متخصصة في المسرح يؤطرها مختصون من أجل تكوين النشء في مجال المسرح، الذي هو أساس نشر الثقافة وتغذية العقول وتحصين النفوس.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات