38serv
أفاد بيان لرئاسة الجمهورية، أمس، بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عاد إلى مستشفى “فال دوغراس” بباريس، الإثنين الماضي، “في إطار فحص طبي روتيني”. وإن كانت الكلمات التي حملها البيان تفيد بأن سفره إلى فرنسا من جديد ليس ناتجا عن تدهور حالته الصحية، فإن الرئاسة لا يمكن أن تمنع التصعيد من حدة الجدل حول قدرته على استكمال ما بقي من عهدته الثالثة. ذكر بيان الرئاسة، الذي نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، أن “الوضع العام للرئيس يتحسن بصفة مؤكدة وبالتدريج”. مشيرا إلى أن رجوعه إلى المستشفى العسكري الباريسي هو “من أجل استكمال الفحوصات التي بدأت بالجزائر العاصمة”. وأوضح البيان أن سفره يندرج في إطار “فحص روتيني مبرمج منذ شهر جوان 2013” وأن إقامته بـ«فال دوغراس” تدوم إلى الجمعة المقبل.وحرصت الرئاسة في بيانها على استعمال كلمة “تنقل” (أي بنفسه) إلى باريس لتجرى له فحوصات، تفاديا لأي تفسير يفهم منه أن بوتفليقة نُقل إلى الخارج للعلاج، لأن ذلك يعني أن حالته سيئة. وتابع البيان أن “هذا التنقل لم يمله أي إجراء استعجالي، بل كان مقررا وقد حدد تاريخه منذ فترة إقامته بمؤسسة “ليزانفاليد” الوطنية الفرنسية بباريس”، أي الفترة التي خضع فيها لنقاهة لإعادة الحركة لوظائفه المتأثرة من الجلطة الدماغية، في 27 أفريل الماضي.وما يلاحظ على تصرف الرئاسة، من خلال البيان، أنها لم تعلن عن سفر بوتفليقة للعلاج في نفس اليوم. فهل لتأخر الكشف عن تواجد الرئيس للعلاج بباريس علاقة بالأخبار التي راجت منذ يومين حول “تدهور مفاجئ لصحته، ما استدعى نقله إلى فرنسا؟”. هل كان محيط الرئيس يرغب في التكتم على هذا الأمر على أساس أن فترة غيابة قصيرة؟ يشار إلى أن بوتفليقة قضى 82 يوما بفرنسا للعلاج. وبعد عودته في 16 جويلية دخل في فترة تأهيل وظيفي مكثف.ويستدعي التطور الجديد في ملف مرض الرئيس، إثارة مجموعة ملاحظات، أهمها أنه جاء في ظرف يترقب فيه الجزائريون استدعاء الهيئة الناخبة تحسبا للانتخابات. ورجح مصدر سياسي تحدثت إليه “الخبر”، أن يكون أمضى مرسوم الاستدعاء قبل سفره، كما رجح الإعلان عنه غدا الخميس. ومن شأن الحلقة الجديدة في ملف مرض الرئيس أن تبعث الجدل ليس حول عدم ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، لأن ذلك أضحى في حكم المؤكد بالنسبة للكثيرين، وإنما حول قدرته البدنية على استكمال الشهرين المتبقيين من العهدة الثالثة.وقد كان لافتا في اجتماع آخر مجلس الوزراء أن سابع الرؤساء متعب، إلى درجة أنه لا يقوى على إسماع صوته لمحدثيه. واجتهد محيط الرئيس في تنظيم إطلالات له عبر التلفزيون العمومي، تارة مع عبد المالك سلال وتارة أخرى مع قايد صالح ومع زوار أجانب، لترك الانطباع بأن الرئيس قادر على تسيير دفة الحكم. وربما الرسالة كانت أيضا، أن بدنه يستطيع أن يتحمل أعباء ولاية رابعة.وكانت أول نشرة صحية حول مرض الرئيس صدرت في 11 جوان 2013، أوضحت أن الرئيس تعرض بتاريخ 27 أفريل 2013 لجلطة دماغية، وأن الفحوصات الأولية التي أجريت له بمستشفى عين النعجة العسكري “أشارت إلى الطابع الإقفاري للأزمة دون أثر على الوظائف الحيوية”.ولكن اتضح فيما بعد أنه يعاني من تبعات إصابة بجلطة في الدماغ تركت آثارا على وظائفه.ورغم أن الدستور لا يلزم الرئيس ولا أية مؤسسة في الدولة بنشر تقارير دورية عن صحة رئيس الجمهورية عندما يكون مريضا، فإن تراجع نشاط بوتفليقة منذ نهاية 2005 وغيابه بشكل كامل تقريبا في نهاية الولاية الثالثة بسبب مرضه المزمن، أثّر على أداء المؤسسات. فقد توقف مجلس الوزراء تقريبا بشكل كامل، وانقطعت زيارات الرئيس داخل البلاد وناب عنه وزيره الأول عبد المالك سلال. وحتى في أخطر الأزمات، كحادثة منشأة الغاز بعين أمناس غاب بوتفليقة. وفي الخارج، لم يعد للرئيس أي دور ولو شكلي بسبب غيابه عن أهم الاجتماعات التي أصبح يحضرها عبد القادر بن صالح نيابة عنه.واللافت أن الرئيس سيّر بطريقة غريبة الأخبار التي نشرت عن مرضه في السنوات الماضية. فكلما تفاقم الحديث عن حالته الصحية، يخرج إلى العلن لتكذيبها. ويحتفظ المهتمون بقضية مرض الرئيس بحادثتين بهذا الخصوص، الأولى عندما تنقل إلى مستشفى عين النعجة لزيارة عالم الدين المصري يوسف القرضاوي الذي أصيب بوعكة، وحينها انتشرت بقوة إشاعة تتحدث عن وفاته. والثانية لما استقبل عائلة لاعب كرة القدم زين الدين زيدان مع شقيقيه مصطفى والسعيد، في الإقامة الرئاسية جنان المفتي، وحينها كانت إشاعة وفاته ووفاة شقيقه الطبيب مصطفى انتشرت بسرعة وأخذت بعدا تعدى حدود البلاد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات