+ -

 سيكون الأسبوع المقبل غاية في المتعة والجنون في الجزائر، عندما يستدعي رئيس الجمهورية الهيئة الناخبة، ويقضي على الترقب الحاصل منذ أن أعيد انتخابه للعهدة الثالثة قبل خمس سنوات. وهي المدة التي حدث فيها ما لم يكن من المفروض أن يحدث لبلد اسمه الجزائر.ولا يستطيع الرئيس أن يتجاهل استدعاء الهيئة الناخبة، كما تجاهل في السنوات الأخيرة وهذه السنة أيضا، ممارسة مهامه الدستورية والشرفية منها افتتاح السنوات الجامعية والقضائية وغيرها. ثم إن وزير الداخلية أعلن رسميا أن استدعاء الهيئة الناخبة سيكون في الموعد المحدد، أي الأسبوع القادم.عندما يستدعي الرئيس الهيئة الناخبة لا شك أن الجزائريين سيعرفون إن كان قد رضخ لمناشدات سعداني وغول وبن يونس والزوايا ورابطات لجان الأحياء وغيرهم، عندما يبشّرهم بأنه يملك الرغبة والإرادة، وخاصة القدرة على مواصلة الإقامة في قصر المرادية أو غيرها من الإقامات.لكن إذا أعلن أنه تعب ويريد أن يستريح، وأنه يقبل أن تنتقل السلطة منه إلى رئيس آخر ينتخبه الشعب، كما تقتضي قواعد الديمقراطية والتداول على السلطة في الأنظمة المحترمة، أو على الأقل مثلما حدث له مع سابقه اليامين زروال في 1999، وفق ما تقتضيه قواعد “الديمقراطية الجزائرية”.. حينها تبدأ الفرجة الممتعة عندما يسرع الذين لم يستمع الرئيس لمناشداتهم لتغيير المواقع إلى جانب الذي يعتقدون أنه الذي اختارته لهم “السلطة”.لم يعد يفصلنا وقت طويل على هذا المشهد المنتظر، إذا قرر الرئيس التقاعد. ولن نندهش عندما يملأ الذين تعب الجزائريون من مشاهدة صورهم، وهم يصرخون من جديد في وجوههم وينفخون الأبواق مهلّلين للذي اختير لهم مهما كان. لا يهمّ بالنسبة إليهم من وقع عليه الاختيار لأنه سبق وأن نبذوا الذي يكادون يصوّرونه اليوم رسولا ولم يستحوا. ولا يستحون عندما يتسابقون للتموقع في الصفوف الأولى مع الذي اختير ليكون الخليفة، ليس ذلك الذي سلّمته السلطات القضائية البريطانية للجزائر ويقيم اليوم في السجن. ولكن خليفة الرئيس الذي “سيتركهم قفة بلا يدين”، ويقدّمهم إرثا للذي يأتي بعده ليفعل بهم بعده ما سبق وأن فعل هو بهم. ولن يفعلوا هم مجموعين في الشعب والبلد أحسن مما فعل سابقوهم. وتلك هي المأساة.وينتظر كثير من الناس، ومنهم كاتب هذه السطور، كيف سيكون ردّ فعل عمار سعداني وجماعته مثلا، لأن المتعة الكبيرة ستكون معه. وفي الحقيقة لا يتعلّق الأمر بسعداني الشخص في هذا المقام، ولكن سعداني النموذج، لأنه لو “كانت الدنيا دنيا” كما يقال عندنا، لما كان هذا النموذج محلّ اهتمام الجزائريين المحاصرين في بلادهم به وبمثله. وهي النماذج التي تكاد تحتكر الساحة السياسية، وتحوّلها إلى ساحة للاستمتاع بمشاهد الرداءة، رغم خطورة الموقف.سيكون الأسبوع المقبل مجنونا، عندما يطفو النموذج السعداني على الساحة ليواصل احتلالها، والناس جميعا تعرف أنه نموذج لا يحسن إلا توجيه البلاد نحو الهاوية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات