وجب علينا كجزائريين أن نقف إلى جانب مصر الشقيقة في الظروف الصعبة التي تمر بها. ووجب علينا أيضا أن ننظر إلى الأحداث الجارية في هذا البلد العربي المحوري من زاوية التضامن والمساندة لما فيه الخير للشعب المصري بمختلف أطيافه وألوانه.زيارة رئيس الدبلوماسية المصرية إلى الجزائر الأخيرة كانت بمثابة نقطة تحول حاسمة في الموقف الجزائري إزاء التغييرات التي يعيشها قلب الوطن العربي، مصر التي تستعد أن تستوفي باقي محطات خريطة الطريق، المأمول منها تخليص البلاد من رواسب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي.كما أنه لن يكون بوسع الجزائر ودبلوماسيتها، التي مهما كان تأثيرها قاريا وإقليميا على حد تطمينات الوزير لعمامرة، تغيير النظرة السائدة شعبيا أو على الأقل لدى قطاع واسع من الجزائريين الذين استقبلوا، قبل تدخل الجيش المصري في جويلية الماضي، أركان نظام محمد مرسي، ممثلا برئيس وزرائه هشام قنديل، استقبالا قل نظيره لمسؤول عربي بهذا المستوى، وحظي بتغطية إعلامية غير مسبوقة من طرف وسائل الإعلام الوطنية، بدليل أن العديد من المراقبين ربطوا ذلك بالعلاقة الشخصية التي تربط الوزير الأول سلال بنظيره المصري الموجود حاليا رهن الاعتقال!وهنا لا بد من أن نفتح قوسا للحديث بصراحة. لقد عاشت الجزائر تجربة الاقتتال الداخلي بين أفراد الشعب الواحد، وسالت الكثير من الدماء وشرد الآلاف من أبنائه، ولم يكن بوسعنا الخروج من المستنقع إلا بتضحيات جسام بذلها الشعب الذي قدم دروسا للعالم في الدفاع عن حقه في البقاء عندما وافق على احتضان من كانوا بالأمس من صناع الموت والدمار.إن أكبر مساندة تقدمها الجزائر إلى الشقيقة مصر، هي النصح بالسير على طريق المصالحة والحوار ونبذ اللجوء إلى القوة والعنف، ولا أظن أنه يوجد مصري واحد مخلص لوطنه يرضى بالعنف سبيلا لإحقاق الحق وإن ارتفعت الصعاب إلى عنان السماء.إن مصر التي تقف على مفترق طرق، قادرة - لا محالة - بفضل وعي المخلصين من رجالها ونسائها، على الخروج من معضلتها، تماما كما فعل أجدادهم في مناسبات عديدة، ولا أظن أن الجزائر، وغيرها من الدول العربية من المحيط إلى الخليج، سيتركون الشعب المصري يعاني، وإن حدث ذلك -لا قدر الله- فإن التاريخ سيسجل أن السبب ليس الشعب المصري وإنما صناع القرار والرأي من أبنائه.كما أن أكبر مساهمة يسديها النظام الجزائري لأشقائه المصريين وغيرهم، أن يعمل على تفادي وقوع مآس في المستقبل غير واضح الملامح والمعالم، رغم تطمينات الخطب والخطباء، وذلك بإرساء قواعد حكم قوية وواضحة، لا تقصي أحدا، وبتجديد الدماء التي تجري في أوصال الدولة، وفتح الآفاق لاستقرار يقوم على الاعتزاز بالانتماء إلى هذا الوطن الذي يتعرض للابتزاز من قوى الاستعمار القديم - المتجدد[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات