+ -

حثّ الإسلام على المحافظة على الصّلاة وأدائها جماعة والالتزام بها، ورتّب على ذلك أجرًا عظيمًا كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: “صلاة الجماعة تفضّل صلاة الفذّ بسبع وعشرين درجة”.وحضور الجماعة في المسجد لإقامة الصّلوات الخمس من علامات الإسلام وشعار الدّين، ففي الصّحيح عن أمّ الدرداء قالت: دخل عليّ أبو الدرداء وهو مغضب، فقلت ما أغضبك؟ فقال: “والله ما أعرف من أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم شيئًا إلّا أنّهم يُصلّون جميعًا”...ومن باب اتّخاذ الإجراءات الوقائية والتّدابير الاحترازية جرّاء انتشار الوباء المسمّى “كوفيد-19”، عُلّقت الصّلاة في المساجد والجوامع مؤقّتًا ولزم النّاس بيوتهم، وذلك للحدّ من انتشار الوباء، وقد صدرت بذلك فتوى شرعية تسوغ إيقاف صلاة الجمعة والجماعة لجميع الفروض في المساجد، والاكتفاء برفع الأذان وأنْ يُقال بعده “صَلُّوا في بيوتكم”... وفي ظلّ هذه الأجواء والظروف الاستثنائية، يجدر بنا التّنبيه إلى مسائل تتعلّق بالصّلاة في البيوت.مَن كان محافظًا على صلاة الجمعة والجماعة ولزوم المسجد، ثمّ جاء هذا العذر المانع، فإنّ الأجر له مدخور تام موفور لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: “إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يَعمل مقيمًا صحيحًا”.ممّا يدلّ على مشروعية الصّلاة في البيوت في ظلّ انتشار هذا الوباء، قوله تعالى: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً}، قال مجاهد: كانوا لا يُصلّون إلّا خائفين فأُمِروا أن يُصلّوا في بيوتهم.السُّنّة أن يُصلِّي المسلم بأهله ومَن معه جماعة، فعن أُبَيِّ بن كعب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “صَلاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانُوا أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ” رواه أبو داود والنسائي. وفي مثل هذه الأحوال، يُشرَع للإنسان أن يخصّص مكانًا في بيته يجعله مُصلى، ففي الصّحيح من حديث عتبان بن مالك أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أتاه في منزله فقال: أين تحبّ أن أُصلي لك من بيتك؟ فأشرتُ له إلى مكان”..، فإذا اجتمع للصّلاة جماعة وكان صاحب البيت إمامًا، أو مَن يُقدّمه، ويقف الرجال ممّا يلي الإمام خلفه، وتقف المرأة أو النّساء خلفهم كما في حديث أنس رضي الله عنه في وصف صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بيت جدّته، فقال: “فقام رسول الله وصففت واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا”.كما لا يُحسن بنا التّهاون عن الصّلاة والتّقصير في أدائها وتأخيرها عن وقتها، فإنّ الله تعالى قال: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتَا}، وتوعّد المتهاونين عنها فقال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}، وفي أيّام الحجر المنزلي يتأكّد هذا...كما أنّ لاجتماع الأهل لأداء الصّلاة جماعة فوائد لا تخفى، منها لَمّ شمل العائلة واجتماعهم على صلاة الفريضة وصلاة التّراويح، وفيه تقوية للرّوابط بين أفراد العائلة، وإحياء للأجواء الرمضانية داخل البيت يعوّض ما فقدوا من إغلاق المساجد. وفيه تربية للأبناء وتحفيزهم على أداء الصّلاة في وقتها، وقد كان بعضهم مقصّر في أدائها. وإنّ في اجتماع الأهل لأدائها جماعة بركة ومظنّة استجابة الدّعاء، ومن الدّعوات الّتي ندعو بها في كلّ وقت وحين، أن يَرفع الله عنّا هذا الوباء ويدفع عنّا البلاء، وأن يجعلنا في عافية تامة.. آمين يا ربّ العالمين.

إمام  أستاذ رئيسي بسيّدي بلعباس

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات