+ -

يمكن أن نطلق على الدستور القادم بكل ثقة وأمان بأنه ”دستور لعڤاب”! ولا نشك أبدا في أنه سيكون من أحسن الدساتير التي وضعتها الدولة الجزائرية المستقلة، للاعتبارات التالية:- دستور بن بلة سنة 1963 تم وضعه في قاعة سينما، ولذلك نظم هذا الدستور الحياة السياسية لأول سلطة في الجزائر المستقلة بطريقة سينمائية هوليودية غاية في ”الكوميديو تراجيديا”، بحيث تدمج الحكومة بالحزب في مواد هذا الدستور كما يدمج البيض بمسحوق الحمص في الكرنطيطا!- أما دستور بومدين في 1976 فتم بعد نقاشات حادة في المجتمع استمرت شهورا كاملة، كانت نقاشات سياسية حرة، لكن إسناد تحرير الدستور إلى تقنيين مؤدلجين أعطى هذا الدستور الطابع الذي تعرفونه وتم إفراغه من محتواه السياسي الذي أبانت عنه المناقشات الشعبية الواسعة، فظهر هذا الدستور مفرغا من الحريات السياسية والحريات الفردية والجماعية ومن حقوق الإنسان، وبذلك تحول الدستور إلى برنامج سياسي للرئيس بومدين ليس إلا.- دستور الشاذلي في 1989 يشبه إلى حد بعيد الدستور القادم، من جهة أن دستور الشاذلي جاء بعد ثورة الشباب في 5 أكتوبر 88، والدستور الجديد جاء بعد ثورة الحراك!- دستور زروال في1996 تميز بسحب السيادة من المجلس الشعبي الوطني المنتخب وإسنادها إلى مجلس الأمة المعين؟! خاصة فيما يتعلق بحكاية الثلث المعطل في الدستور، وكان الهدف هو الالتفاف عما حصل في دستور 1983 من انفتاح سياسي يمكن أن يكرس سلطة الشعب بواسطة الانتخابات!- دستور ”عبدقة” الذي وضع سنة 2016، وهو الدستور الحالي، اهتم أساسا بإعادة صلاحيات الرئيس الذي نزعها شباب 5 أكتوبر من الرئيس الشادلي، وكرسها في دستور 89، وهي صلاحيات إمبراطوريات وليس الملوك، ولم يبق للرئيس سوى أنه يحيي الموتى ويصبح إلها في الدستور!وما يميز الدستور القادم عن الدساتير الماضية، هو أنه سيكون دستورا تقنيا يضعه الخبراء، في الوقت الذي يتظاهر الناس في الشارع مطالبين بدستور سياسي وليس تقنيا!

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات