من عادتي أن لا أفتح النار على سيارات الإسعاف... وقد دأبت على نقد تصرفات المسؤولين حين يكونون في السلطة ويمارسون المسؤولية، وعندما يغادرونها يصبح تناولهم من طرف الإعلام قلة مهنية وجبنا إعلاميا.. لأنه عند مغادرة المسؤول للمسؤولية يصبح أمره من اختصاص القضاء إذا كان مفسدا وليس من مشمولات الإعلام!لكن الحالة الخاصة لهؤلاء المحكوم عليهم اليوم من المسؤولين في قضايا فساد بأحكام يراها البعض قاسية ويراها آخرون عادلة، تتطلب النظر إليها من زاوية أخرى غير زاوية التشفي أو فتح النار على سيارات الإسعاف!نعم.. لا يحق لنا التعليق على أحكام القضاة، لكن هذه الأحكام تعلق هي نفسها على نفسها.. والشعب يعرف بالتدقيق ما إذا كانت هذه الأحكام عادلة أم سياسية فيها ما فيها من خلفيات.لكن المؤكد أن هذه الأحكام تحمل إنذارا لكل مع سيتولى المسؤولية العامة في المستقبل. ومن وجهة نظري، فإن هؤلاء المحكوم عليهم يستحقون مثل هذه الأحكام وأكثر، ليس لأنهم بددوا المال العام وأساءوا استخدام المسؤولية فحسب، بل لأنهم لم يكونوا في وزن التكليف عندما كانوا في المسؤولية.. فهؤلاء كانوا في مواقع المسؤولية يستخفون بأهمية مناصبهم في الدولة.. و”صعلكوا” مسؤولياتهم الحساسة من خلال تأييد رئيس غير موجود في الواقع... وهم يحكمون البلاد بصورته في إطار.. ومكنوا قوى غير دستورية من العبث بالبلاد! ومن هذه الزاوية، فإن الحكم على هؤلاء في قضية تبديد المال العام (رغم أهميتها) لا تساوي شيئا أمام جريمة العبث بالدولة والدستور والقانون! والتي ينبغي أن يكون الحساب فيها أهم من الحساب على تبديد المال العام... لأنها مسؤولية تصل إلى حد الخيانة العظمى! ومن هذه الزاوية أيضا يمكن أن ننظر إلى المحاكمة والأحكام الصادرة عنها بأنها ما تزال بعيدا عن العدالة الحقيقية العادلة بين الناس!ولهذه الأسباب يكون شباب الحراك على حق حين يقولون في مظاهراتهم إن أيدي بقايا العصابات ما تزال تلعب في أجهزة الحكم ومؤسساته المختلفة، وفي هذه الملاحظة يلتقون مع المؤسسة العسكرية في القول بأن أذناب العصابة ما تزال تمارس صلاحياتها في التأثير على مجريات الأمور في البلاد.ومن هنا فإن الكفاح من أجل التغيير الجدي لكل النظام يصبح ضرورة قصوى لا ينبغي التفريط فيها.. فالطريق ما يزال طويلا وشاقا من أجل الوصول إلى أهداف ثورة الشعب في 22 فيفري الماضي[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات