+ -

المتتبع لتحركات المترشحين للرئاسيات، قبل بدء الحملة الانتخابية، يلاحظ هزالا سياسيا كبيرا في الممارسة السياسية لهؤلاء، حتى يخيّل للمتتبع أن هؤلاء لا يتنافسون على رئاسة الجمهورية بل يتنافسون على رئاسة بلدية!والغريب في الأمر أن السلطة الوطنية المستقلة تنبهت إلى هذا الأمر، فلم تعد تتحدث عن احتمالات تزوير الانتخابات، بل أصبحت منشغلة بأن تنتقل ”صعلكة” الرئاسيات من الهزال السياسي للبرامج والرجال، إلى ”صعلكة” الحملة الانتخابية عن طريق الإعلام، لهذا راحت السلطة تبحث في مسألة الأخلاقيات الإعلامية خوفا من أن تنزلق الحملة إلى السباب والتنابز ما دامت المنافسات بالبرامج غير موجودة، لأن برامج المترشحين الخمسة تكاد تكون واحدة، وهي برامج من رشحهم أو سمح لهم بالترشح دون غيرهم! وهذا فعلا انشغال مهم من سلطة الانتخابات!والمصيبة أن السلطة راحت تقدم نفسها كوسيط بين المترشحين ووسائل الإعلام... ووصل الأمر حتى إلى الدفع بالمترشحين ووسائل الإعلام إلى التوقيع على ”ميثاق أخلاق”! قالوا إنه يهدف إلى منع الانزلاقات خارج البرامج بالنسبة لتنافس المترشحين في الحملة!وهذا أمر غريب فعلا لم يحدث في أي بلد في العالم! ويدل فعلا على أن ”صعلكة” الانتخابات الرئاسية قد وصلت إلى حد أن الرئاسة يمكن أن يترشح لها أناس بلا أخلاق سياسية، وتلك مأساة أخرى تواجه البلاد سياسيا.لكن المؤسف أكثر أن وسائل الإعلام العامة والخاصة دخلت هي أيضا في مسألة ”الصعلكة” الإعلامية، وراحت توقع هي أيضا على ميثاق أخلاق بعدم نشر التجاوزات الأخلاقية المحتملة من المترشحين.. وهذه صورة أخرى من البؤس الإعلامي الذي وصلت إليه حالة الإعلام عندنا.. فهل عدم نشر الممارسات غير الأخلاقية في وسائل الإعلام يحتاج إلى ميثاق شرف؟! هذه هي مهنية رجال الإعلام في هذه البلاد!والمصيبة أن وسائل الإعلام قد أعطت لنفسها دورا آخر وهو دعوة الشعب إلى الذهاب إلى التصويت وتحولت بذلك إلى أحزاب سياسية وسلطة وليس وسائل إعلام! ”الجياحة” وانعدام الأخلاق و”الصعلكة” لم تضرب فقط رجال السياسة، بل ضربت كل القطاعات، والإعلام أولها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات