خصصت السلطات العمومية، من خلال قانون المالية لسنة 2014، قيمة مالية فاقت 20 مليار دولار، برسم التحويلات الاجتماعية، والتي تتضمن مختلف عمليات الدعم، ضمانا لسلم اجتماعي هش. سجلت التحويلات الاجتماعية ارتفاعا محسوسا بحوالي 7 ملايير دولار مقابل 13 مليار دولار خلال العام 2013. ومع زيادة النفقات التي تعتمدها الحكومة سواء من خلال زيادات كتلة الأجور أو عمليات الدعم، فإن العجز في الميزانية يبقى معتبرا ويتجاوز 44 مليار دولار أي بنسبة 18.1 في المائة من الناتج المحلي الخام.وتواجه حكومة عبد المالك سلال عدة تحديات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، خاصة مع تسجيل تراجع للعائدات، نتيجة انخفاض مستوى نمو قطاع الطاقة وتسجيل خسائر تجاوزت 6 ملايير دولار مع نهاية 2013 مقارنة بالعام 2012.ومن بين أهم ما ميز قانون المالية الجزائري لسنة 2014 الارتفاع الكبير للتحويلات الاجتماعية والتي تشمل كافة عمليات الدعم لأسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الطحين والدقيق والحليب والسكر والزيت والبقول الجافة والصحة والسكن، وكذا دعم نسب فوائد الفروض للشباب، حيث فاقت الميزانية المخصصة لمختلف البرامج التي ترمي إلى ضمان السلم الاجتماعي 20.48 مليار دولار أمريكي أو ما يعادل 8.8 في المائة من الناتج المحلي الخام وبزيادة بلغت 1.36 مليار دولار مقارنة 2013.وفي قراءة سريعة للأرقام التي يتضمنها قانون المالية 2014 والذي يمكن أن يكون آخر القوانين لمخطط دعم النمو ما بين 2010 و2014 والذي خصص له ما قيمته 286 مليار دولار، نسجل نفقات بلغت 97.93 مليار دولار، يخصص منها 57.74 مليار دولار للتسيير و37.62 مليار دولار أمريكي للتجهيز. ويتوقع القانون الذي خلا من أي زيادة في الضرائب أو الرسوم ارتفاعا بنسبة 10.4 في المائة من إيرادات ميزانية الدولة مقارنة بـ2013، لتبلغ 53.12 مليار دولار، فيما قدرت النفقات بـ97.86 مليار دولار، أي بتسجيل الموازنة العامة عجزا يقدر بـ44.74 مليار دولار، يتم تعويضه بفضل الفائض المالي لصندوق ضبط الميزانية الذي بلغ رصيده حوالي 85 مليار دولار، أي أن الحكومة ستقوم باقتطاع حوالي نصف رصيد الصندوق في مؤشر مقلق لاختلال التوازنات المالية، لاسيما مع تسجيل أول عجز لميزان المدفوعات مند أكثر من 10 سنوات.وستعرف نفقات التسيير للسنة المقبلة ارتفاعا بـ8.7 في المائة مقارنة بـ2013، مقابل نمو لنفقات التجهيز بـ15.6 في المائة. أما قيمة العجز في الموازنة، فإنها بلغت 18,1 في المائة من الناتج المحلي الخام. ويظل العجز وفقا للمقاييس المالية الدولية مرتفعا، خاصة إذا علمنا أن النسبة الأكبر من الناتج المحلي الخام أي ما ينتج من ثروة يعود لقطاع المحروقات.كما يتوقع القانون الذي أعد على أساس سعر مرجعي جبائي لبرميل النفط الخام عند 37 دولارا للبرميل، نسبة نمو إجمالية عند 4.5 في المائة و5.4 في المائة نسبة نمو خارج المحروقات، مع ملاحظة هنا أيضا أن ما يدفع النمو في القطاعات خارج المحروقات، لاسيما البناء والأشغال العمومية هي النفقات العمومية المتأتية مباشرة من إيرادات المحروقات.ويرتقب أن تبلغ نسبة التضخم العام المقبل 3.5 في المائة. ولتحقيق هذه الأهداف تضمن نص القانون إجراءات جديدة، تسعى حكومة سلال، من خلالها، إلى تشجيع الاستثمار المنتج وحماية وترقية الإنتاج الوطني وتشجيع تشغيل الشباب خاصة بمناطق الجنوب، خصوصا أن نسبة البطالة لدى شريحة الشباب تقدر في حدود 25 في المائة، حسب تقديرات هيئات متخصصة، مقابل نسبة إجمالية معلنة رسميا بـ10 في المائة من اليد العاملة النشطة المقدرة مع نهاية 2013 بحوالي 10 ملايين، إلى جانب الحد من ارتفاع فاتورة الاستيراد التي بلغت خطا أحمر العام 2013 بحوالي 55 مليار دولار للسلع والبضائع فحسب و66 مليار دولار للسلع والخدمات.ومن بين أهم الإجراءات المعتمدة من قبل الحكومة لتحفيز الاستثمار المحلي، إعفاء المركبات المصنوعة محليا من الرسم على عمليات بيع المركبات الجديدة لتحقيق فارق في الأسعار بين السيارات المصنوعة محليا والمستوردة، ما يشجع المستهلك على التوجه نحو السيارات المنتجة محليا. ويأتي هذا الإجراء في سياق المشاريع التي اعتمدت على شاكلة مصنع تركيب السيارات للشركة الفرنسية “رونو”، والذي سينطلق قبل نهاية العام الحالي في الإنتاج بواد تليلات بوهران.وسيتم إلزام مستوردي ووكلاء السيارات بإنشاء نشاط صناعي أو خدماتي له علاقة بقطاع السيارات خلال ثلاث سنوات، مع إمكانية الاستفادة من المزايا المقدمة من طرف الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار من أجل تشجيع المصنعين على اللجوء أكثر إلى المناولة المحلية. يأتي ذلك بعد أن سجل سوق استيراد السيارات مستويات قياسية بتجاوز 600 ألف مركبة مستوردة هذه السنة، بقيمة فاقت 6 ملايير دولار.وقررت الحكومة أيضاً تخفيف إجراءات الاعتماد لصالح مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمار برؤوس أموال أجنبية، حيث سيتم إلغاء إخضاعهم الإجباري للدراسة المسبقة من طرف المجلس الوطني للاستثمار، كما ستستفيد الاستثمارات الأجنبية التي تساهم في نقل المهارات أو المنتجة للسلع بمعدل إدماج يفوق 40 % من مزايا جبائية وشبه جبائية من المجلس الوطني للاستثمار. ويتضمن القانون مادة جديدة تسمح، إلى غاية نهاية 2015، باستيراد المعدات القديمة التي لا يتعدى عمرها سنتين، لصالح المنتجين المحليين الذين يتعين عليهم أن يتعهدوا بأن يحتفظوا بهذه المعدات لخمس سنوات على الأقل.وتصدّر قائمة توزيع الاعتمادات المالية للميزانية، قطاع الدفاع بغلاف مالي بلغ أكثر من 12.1 مليار دولار، ثم قطاع التربية والتعليم بـ8.9 مليار دولار، والداخلية بـ6.9 مليار دولار، بينما بلغت حصة قطاع الصحة 4.68 مليار دولار وخُصص للمجاهدين أي قدماء المحاربين، خلال ثورة التحرير الجزائرية، غلاف مالي بـ3.08 مليار دولار.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات