قرأ هذا المواطن فلان، ذات ليلة، قصيدة لمظفر النواب: “أقسمت بتاريخ الجوع/ ويوم السغبة/ لن يبقى عربي واحد/ إن بقيت حالتنا هذي الحالة/ بين حكومات الكسبة/ القدس عروس عروبتكم؟ǃ فلماذا أدخلتم عليها كل زناة التاريخ وكل زناة الليل إلى حجرتها/ ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصراخات بكارتها وسحبتم كل خناجركم، وتنافختم شرفا/ لن يبقى عربي واحد/ سنصبح نحن يهود التاريخ/ ونعوي في الصحراء/ بلا مأوى/ هل وطن هذا تحكمه الأفخاذ الملكية/ هذا وطن؟ǃ أم مبغى؟ǃ”.وها نحن اليوم ـ يقول المواطن العربي- بلا مأوى. وصدق مظفر النوابوقد كتب هذه القصيدة منذ أكثر من ثلاثين سنة وكأنه كان يتوقع منذ زمن طويل أن نصبح يوما كالذئاب تعوي في صحراء اللامعقول والخيانة والتخلف والجهل والقمع. وأعدم شنقا صدام حسين الذي كان قد حكم بالإعدام على مظفر النواب ومازال شعر مظفر حقيقة مطلقة وشبه نبوة وتكهن، وأعدم معمر القذافي بالطريقة الشنيعة التي نعرف، وهرب بن علي عند صديقه الملك السعودي وشريكه إذن في كل الجرائم التي نفذها ضد الشعب التونسي، وأهين حسني مبارك.. وقصيدة مظفر النواب مازالت حية وواقعية وراهنة.أعدم الصدام حسين بطريقة شنيعة، شنقا، وأعدم معمر القذافي بطريقة شنيعة كذلك بعد تعذيب أليم وهو (الناتو) يصرح اليوم ويعترف رسميا “بأن التدخل العسكري في ليبيا من طرف جيوش (الناتو) وجيوش فرنسا، على وجه الخصوص، سنة 2011، كان خطأ فادحا”. وهذا التصريح الرسمي يبقى منافقا وخبيثا، لأنه سوف لن يعيد لليبيين كرامتهم ودولتهم ونفطهم، ويبقى هذا “الاستعراف” تنقصه النزاهة، لأنه لم يعترف بأن تدخل (الناتو) وأمريكا على وجه الخصوص، بالعراق سنة 2003 وسنة 2009 كان ـ كذلك - وكيف ما وكيف لاǃ خطأ فادحا، بل خطأ وإجرام وجريمة ضد الإنسانية وحرب إبادة، جعلت من العراق صحراء قاحلة تعوي فيها كلاب داعش الهمجية المسعورة. ويبقى هذا البلاغ الغربي بليدا ورزينا وكاذبا، لأنه نسي أن يعترف بأن التدخل السافر بسوريا (رغم أنه غير مباشر) “للناتو” كان ـ كذلك - ليس خطأ فقط ولكن جريمة حرب وحرب إبادة بواسطة المرتزقة الذين أتوا ليس فقط من البلدان الإسلامية وإنما جاؤوا كذلك من البلدان الغربية، مدججين بعتاد سعودي قطري وبعتاد أمريكي أوروبي.“منذ 1945، يقول هذا المواطن العربي الذي يعاني من البطالة بعدما كان أستاذا كبيرا في إحدى الجامعات العربية، منذ 1945 و”الناتو” يقوم بحرب دائمة وشعواء، فهو الذي كان المحرك الأساسي والضروس في حروب كوريا والفيتنام والجزائر وكوبا وغيرها من الحروب التي شنت لا لشيء أو لغاية ما وإنما لغاية واحدة: السيطرة الهمجية والكاملة على العالم بأسره، “فالناتو”، كذلك، هو الذي زعزع الاتحاد السوفياتي وهو الذي حطم المعسكر الشيوعي وهو الذي تسبب في سقوط جدار برلين”.“الناتو يا سيدي (يقول المواطن العربي الذي قرر بيع كتب مكتبته لضمان العيش الأدنى) هو الذي قام بكل الانقلابات العسكرية والرهيبة في جنوب أمريكا، في كل بلدان أمريكا الجنوبية، وليس فقط في البرازيل والشيلي والأرجنتين وبوليفيا و.. “الناتو” هو الذي عذب وشرد وأباد شعوب ونخب هذه البلدان مدة تقارب القرن بأكمله. نعم سيدي، “الناتو” (وهو في الحقيقة الاسم المستتر المحتشم؟) للولايات المتحدة والأقزام الأوروبية. وأخيرا من قتل الياندي؟ من قتل سوكارنو؟”.والآن ماذا سيحصل بعد فشل النظام الرأسمالي؟ (ليست أزمة) هذا ما يعاني منه رأس المال، كما يقولون، إنما هي هزيمة نظام ضاريٍ فشل اقتصاديا.والآن ماذا سيحصل؟ سيحصل أن الشعوب سوف تستفيق ولو تطلب ذلك وقتا طويلا ودهرا مديدا، سيحصل أن ستقرر الشعوب مصيرها مرة أخرى هي بنفسها لأن همجية الغرب العسكرية لم تفعل شيئا بل زادت في الطين دما.يتبع
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات