شيء غريب هذا الذي يحدث في الساحة السياسية.. السلطة تجري حوارا مع الأحزاب التي تموّلها بالمال العام وعبر سماسرة من يسمون أنفسهم لجنة الحوار..1 - اللجنة تسمسر سياسيا بالحوار مع من أعلنوا مسبقا أنهم يؤيدون ما تقوم به اللجنة دون أن يعرفوا محتوى هذا الحوار ولا الهدف منه، والسبب في هذا التأييد غير المشروط أن هؤلاء يعرفون بالتدقيق من وراء هذه اللجنة ومن يسيرها وماذا يراد منها أن تنجز لفائدة السلطة.2 - الدليل على ما نقول بخصوص هذه اللجنة هو أنها في حوارها مع المقتنعين بطرح السلطة يركزون على مسألة إجراء الرئاسيات، ومعنى هذا الكلام أنهم يعملون لصالح رئيس معين تعرفه السلطة ويعرفه هؤلاء ولكنه يتمتع ببقائه سرا! ولكم أن تتصوروا جدية لجنة تدعو إلى رئيس ينتخب بحرية ويبقى اسمه سريا؟! في البلدان الأخرى الرئيس أو من يترشح للرئاسة يعرف بسنوات قبل انتخابه، لكن عندنا يعد هذا المرشح سرا من أسرار الدولة لا ينبغي أن يعرفه الشعب إلا في آخر لحظة لما تنجح السلطة في شراء الذمم لتأييد هذا المرشح الذي تعلنه السلطة في آخر لحظة! لهذا نلاحظ أن أحزاب التحالف تؤيد اللجنة وما تقوم به دون قيد أو شرط إلى درجة أن بعض قادة هذه الأحزاب قال إنه يرضى بإقصاء نفسه من الحوار الذي تقوم به اللجنة ما دام هذا الحوار يتجه إلى خدمة الهدف وهو انتخاب رئيس! وبمعنى هذا الكلام أن الرئيس الذي تدعو اللجنة إلى الالتفاف حوله ليس من مخرجات الحوار، بل هو من بنات أوامر من نصب اللجنة لهذا الغرض.. ولهذا نسمع بأن اللجنة عقدت حوارات مع هؤلاء المؤيدين لها ولمن نصبها مسبقا، يعقدون ندوات صحفية لا يتحدثون فيها عن محتوى ما جرى من حوار لأنه “سري للغاية”، ويكتفون فقط بالحديث عن اللقاء وعن ضرورة الحوار، أما محتوى هذا الحوار فلا حديث عنه لأنه ليس من اختصاص لجنة الحوار أو حتى الشخصيات التي تدعو إلى هذا الحوار.. والطريف في الأمر أن الحوار بدأ مع الأحزاب التي هي معتمدة من طرف وزارة الداخلية، والحال أن الحراك وثورة الشعب لا علاقة لها بهذه الأحزاب، سواء موالاة أو معارضة، ومعنى هذا أن هذا الحوار هو حوار مع من كان يسبح سياسيا في فلك السلطة، أي أن السلطة تحاور جناحها بواسطة هذه اللجنة؟!3 - هل من الصدفة أن تكون بدايات الحوار لهذه اللجنة مع الأحزاب التي فرّختها جبهة التحرير (جبهة المستقبل وطلائع الحريات)؟! وعلى القارئ أن يتساءل: أي مستقبل وأي حريات لجبهة وطلائع ترى أن مخرج البلاد من الأزمة هو العودة إلى الصيغة التي تمت بها رئاسيات 1999 لإعادة إنتاج نفس الخطأ الذي كلف البلاد ضياع ألف مليار دولار و20 سنة من عمر الدولة والشعب.. أي حرية في حريات هذا الحزب، وأي مستقبل في جبهة المستقبل؟!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات