+ -

 كثرة تنقلات الرئيس المصري إلى الرياض لا يدل على متانة العلاقات بين القاهرة والرياض، بل قد يشير إلى وجود صعوبات جدية في العلاقات بين القاهرة والرياض.الأكيد أن السعودية أتعبت حالها أمام القاهرة بإقدامها على ضرب الجارة الشقيقة اليمن تحت ذريعة واهية، وهي منع المد الإيراني من التوغل في الحكم اليمني! وهذه في حد ذاتها مسألة تدخل في الشأن الداخلي اليمني لا يفيد السعودية ودول الخليج، ولا يفيد العلاقات العربية العربية.فالسعودية كانت تعيب على مصر تدخلها في اليمن سنة 1963، وها هي تقوم بما أعابت به على المصريين قبل 50 سنة خلت.والأكيد أيضا أن مصر أضعفت نفسها أمام السعودية ودول الخليج وبقية العرب، وحتى العجم، حين قامت مصر السيسي بإضعاف جزء من قوتها أمام السعودية بضرب قوتها الضاربة في العالم الإسلامي والعربي، وهي جماعة الإخوان المسلمين، فمصر العلمانية لن يكون حالها أحسن في المنطقة من مصر الإخوانية. ضرب هذه القوة السياسية الدينية الهائلة للمصريين من طرف جماعة اليسار العلماني في مصر، هو الذي حسّن من قوة العربية السعودية أمام مصر وغير مصر في الانفراد أو محاولة الانفراد بالزعامة المزعومة على العالم الإسلامي، وبالتالي العربي. وحكاية التدخل السعودي في اليمن دون إعارة عرب الجامعة العربية أي قيمة، يدل على أن السعودية (شمت الغلب السياسي) على المصريين خاصة، والعرب عامة !صحيح أن السيسي وجماعته في حكم مصر الجديد ليس وحده الذي أضعف الإخوان وأضعف قوة مصر الضاربة التي كانت تقلق السعودية وغير السعودية، بل إن الإخوان في مصر هم أيضا تصرفوا بغير الحكمة خلال وصولهم إلى حكم مصر طوال سنة من الرئاسة لمصر... ولهذا فرحت السعودية عندما تكسّر قرن الإخوان في حكم مصر.خطأ آخر ارتكبه المصريون أمام السعودية حين سلّموا لها مقاليد الأمور في الجامعة العربية ليفعلوا بها الأفاعيل في سوريا وليبيا، وفي اليمن مؤخرا... وظهور السعودية في الجامعة العربية على غير العادة، كأنها المفعول بها من طرف دول الخليج.وازدادت خطورة هذا الخطأ المصري أمام السعودية عندما ربطت مواقفها من تصرفات السعودية في العالم العربي والإسلامي، بالوعود التي أعطتها السعودية لمصر بشراء صمت مصر بالدولارات عما تفعله السعودية في العالم العربي، وتأليبه ضد إيران بمبرر مقبول.. وبلا مبرر أيضا؟!الآن تبيّن أن دولارات السعودية التي قدمت لمصر في صورة وعود فقط، لا يريد السعوديون تحويلها إلى واقع مادي دون الحصول على مزيد من الانبطاحات المصرية لحكام الرياض في مسائل حيوية قد تنهي دور مصر في المنطقة العربية بصورة كاملة، لو رضخت مصر لضغوط السعودية تحت ضغط الحاجة المصرية إلى دولارات السعودية.السعودية كانت تنتظر من مصر أن “تكري” لها جيشها لتأديب اليمن، وربما سوريا وإيران. وعندما لم تفعل مصر، كانت عملية تجميد الوعود السعودية لمصر ماليا... ولعل هذا هو السبب في الزيارات المتكررة للسيسي للسعودية... ولو تقوم مصر بالتصالح مع نفسها وتكف عن طلب مساعدة الرياض لمصر للإجهاز على قوتها الضاربة في العالم الإسلامي (الإخوان)، فستتغير الأمور جذريا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات