لابد أن تكون عالما في علم الضمياطي السياسي كي تفهم بعض المصطلحات السياسية التي تعج بها الساحة السياسية هذه الأيام..1 - بيان أول نوفمبر قال إن هدف الثورة في 1954 هو بناء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية، أي دولة مدنية بخلفيات دينية، كما يقول الإسلاميون، ودولة ديمقراطية اجتماعية لا تعادي الدين، كما يقول العلمانيون.. وجاء مؤتمر الصومام ليفصل في الأمر فقال بأولوية السياسي على العسكري في قيادة الثورة وبناء الدولة فيما بعد، على اعتبار أن الثورة فجّرها العسكريون أساسا، وهم في غالبيتهم من منظمة (أوس) شبه العسكرية التي أنشأتها حركة انتصار الحريات الديمقراطية في نهاية الأربعينات، وهم في عمومهم شاركوا في حروب فرنسا المختلفة خلال الأربعينات والخمسينات، ومعنى هذا الكلام أن مؤتمر الصومام فسر بيان أول نوفمبر على أنه يدعو إلى مدنية الدولة الجزائرية المستقلة، فهل هناك من يتجرأ على وصف الصومام بأنه يعارض أول نوفمبر أو يتهم أول نوفمبر بأنه يؤسس لدولة غير مدنية؟! وإذا كان الصومام وأول نوفمبر لا يؤسسان للدولة المدنية، فلماذا قبل العسكريون بأن يتفاوض المدنيون مع فرنسا على الاستقلال باسمهم؟!2 - القول بأن تعبير الدولة المدنية قول مشبوه معناه أن بيان أول نوفمبر والصومام مشبوهان أيضا، ولا أعتقد أن عاقلا يمكن أن يقبل هذا، حتى سعداني عندما هجم على “رب الجزائر”، قبل سنوات، ورفع شعار الدولة المدنية، ناصره الجميع في فكرة الدولة المدنية، فماذا حدث حتى أصبحت هذه الفكرة مشبوهة.. هل لأن سعداني يقيم الآن في باريس ربما هاربا من العدالة؟!3 - الدولة المدنية مطلب عموم الجزائريين.. بل هي مطلب حتى المؤسسة العسكرية.. ففي 1988 كان مطلب الجيش هو الخروج من السياسة بعد أحداث أكتوبر، ورفع شعار الجيش الجزائري ديمقراطي جمهوري، ومعنى هذا الكلام أنه لا يتدخل في الحياة السياسية المدنية، فماذا حدث حتى تصبح الحياة المدنية السياسية مرادفة للعمالة؟!أصدقكم القول أنني لم أعد أفهم ما يحصل في سرايا الحكم، عندما أسمع أن المطالبة بمدنية الدولة عمل غير وطني ويجب التنديد به.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات