+ -

 واصل المتهمون المرتبطون مباشرة بعبد المومن خليفة، في سادس أيام المحاكمة الجارية بمحكمة الجنايات بالبليدة، إنكار كل ما ورد في حقه من إدانات وردت على لسانهم في محاضر التحقيق، ليصل عددهم إلى خمسة. شهدت جلسة أمس سردا لتفاصيل توظيف أبناء وأقارب كبار المسؤولين في الدولة، عبد الوهاب كيرمان وعبد الحميد طمار وأبو جرة سلطاني، بينما استسلم أكبر المتهمين سنا، الموثق رحال، لنوبة إغماء أدت لنقله إلى المستشفى. قليمي يبرئ خليفة و”يمسح الموس” في قاضي التحقيقكانت القاعة تنتظر بفارغ الصبر مرور المتهم جمال قليمي على منصة الاستجواب لسببين. الأول أن الرجل هو صديق طفولة عبد المومن خليفة ومستودع أسراره، والثاني كونه عنصرا مفتاحيا في فهم قضية الرهن المزور، بعد أن تراجع المتهمان إيسير إيدير وعمر رحال عن أقوالهما المُدينة لعبد المومن خليفة أمام قاضي التحقيق.وقف جمال قليمي يسأله القاضي: أنت متهم بالذهاب إلى مكتب الموثق رحال في غيابه مع رفيق عبد المومن وإيسير إيدير وتزوير عقدي الرهن؟ يجيب وسط دهشة الحاضرين: “هذا العقد لم أسمع به إلا من فرقة التحريات الاقتصادية سنة 2004”. يعقب القاضي الذي يواجه لثالث مرة إنكار متهم لأقواله: “لكن هذا ما ورد في أقوالك عند قاضي التحقيق؟”. يرد قليمي: “هم قالوا إنني ذهبت مع خليفة وإيسير إيدير إلى مكتب رحال، لكن أؤكد لك أن إيسير إيدير لم أعرفه إلا في السجن”. ويضيف: “ثم إنني غادرت عملي ككاتب عند الموثق رحال في أكتوبر من سنة 1993”.يحتار القاضي من هذا الإنكار المتسلسل، ويوجه سؤالا بانفعال: “لكن ما هو السبب الذي يجعل قاضي التحقيق ينسب لك أقوالا لم تدل بها؟”. يجيب قليمي: “كنا تحت التهديد. تصور أن أحد أعوان الدرك قال لي: خليفة هرب وأنت هو خليفة وستسدد الثمن”. يعقب القاضي الذي يبدو غير مقتنع: “يمكن تفهم ذلك أمام الضبطية القضائية، لكن أمام قاضي التحقيق لك كل الضمانات وتستجوب بحضور المحامي”.وشرح قليمي لهيئة المحكمة أنه فعلا رافق عبد المومن إلى مكتب الموثق رحال في عقد رهن خاص بعتاد “كا. أر. جي. فارما”، ولكن ذلك كان سنة 1993 وليس سنة 1997.هكذا وظفت بنات كيرمان وطمار ورفض أخ سلطانيصعد نجم جمال قليمي في مجمع خليفة، عندما عينه صديقه عبد المومن، مفتشا عاما بخليفة إير وايز في فرنسا من سنة 2001 إلى سبتمبر 2002، ثم طلب منه فجأة أن يتقلد منصب مدير عام قناة “خليفة تي في” في فرنسا، لينسج من خلاله علاقات واسعة مع كبار المسؤولين الجزائريين والأجانب. ومن بين الذين التقاهم بحكم منصبه الذي كان يأخذ لقاءه راتبا بـ30 ألف فرنك فرنسي، ذكر بالاسم، حمراوي حبيب شوقي مدير التلفزيون العمومي ومحمد روراوة رئيس الفاف.يروي قليمي ردا على استفسارات القاضي كيف عيّن أبناء المسؤولين بمراكز حساسة داخل فروع المجمع بالخارج. البداية كانت بـ”ياسمين كيرمان” ابنة عبد النور، أخ عبد الوهاب كيرمان، محافظ بنك الجزائر سابقا. قال قليمي إنه “التقى عبد النور في مقهى وطلب منه أن يوظف ابنته”.وأضاف: “أبرمت مع ياسمين عقدا لتتولى وكالة ميلانو لأنها كانت تتوفر على الشروط بعد الاطلاع على سيرتها الذاتية”. لم يكتب لوكالة ميلانو أن تفتح بعد أن تفجرت فضيحة خليفة، لكن ياسمين كيرمان كانت قد تلقت مليون أورو لاقتناء مقر وتهيئته بميلانو، وفق ما ذكر المتهم.وكان حظ أخ أبو جرة سلطاني تعيسا، إذ لم يتمكن من الحصول على وظيفة في الخارج. يقول قليمي: “استقبلت أخ أبو جرة في فرنسا ورفضنا توظيفه لأنه كان لا يمتلك أي مؤهلات”. كيف؟ يسأله القاضي. يجيب: “لم يكن يتقن اللغة الفرنسية”. القاضي وهو يضحك: “معرب في الدم”.أما بنت عبد الحميد طمار وزير الصناعة وترقية الاستثمار سابقا، فحصلت على منصب عمل في المجمع بفرنسا. قال قليمي إن “البنت كانت ممتازة، درست في كندا”. كما ذكر من بين الذين وظف أبناءهم القاضي بن هونة محمد رشيد، وهو أحد أعضاء اللجنة المصرفية ببنك الجزائر. لكن أهم ما أدلى به المتهم في قضية توظيف أبناء المسؤولين، أنها كانت تخضع لتقديره هو بالتشاور مع معاونته كباش فوزية (خالة عبد المومن)، بينما أخلى تماما مسؤولية عبد المومن خليفة في ذلك. وعند انتهاء استجوابه، عاد جمال قليمي إلى مكانه في قفص الاتهام جالسا إلى جنب عبد المومن خليفة، ولم يتوقف الاثنان عن الحديث مع بعض والتفاعل مع استجواب المتهم الآخر عبد الحفيظ شعشوع. أموال خليفة بنك كانت تنقل إلى المديرية العامة وليس الخزينة!بدا حفيظ شعشوع، مدير الأمن والوقاية وحماية ونقل الأشخاص والأموال بمجمع خليفة ومفتش الشرطة السابق، متذبذبا، فلم ينف ما نسب إليه من أقوال، لكنه برأ خليفة من الحصول على أموال في أكياس بطريقة غير قانونية. وزعم أنه يقول الحقيقة ولم يغير أقواله عند رؤية خليفة. وقال إنه لو كان متيقنا من عودة خليفة وربط بينه وبين المصفي بادسي اتصالات لما كان في الخارج.لم يفهم القاضي والنائب العام كيف أن خليفة، بعد فراره إلى الخارج، اتصل بشعشوع عبد الحفيظ وطلب منه أن يقول للمسؤولين: “عليكم بتسوية البنك؟”. قال له القاضي: بصفتك ماذا حتى يتصل بك وأنت لا تفهم في هذه الأمور؟ فيجيب: “أنا نقلت الرسالة فقط”. وأصر شعشوع على إنكار تهمة المشاركة في نقل الأموال بطريقة غير قانونية إلى خليفة. لكن النائب العام استوقفه: “أنت كنت تنقل الأموال إلى المديرية العامة للبنك التي هي مجرد مكاتب، بينما القانوني أن تنقل الأموال إلى الخزينة الرئيسية”. فأجاب مؤكدا: “أنا كنت أنفذ الأوامر”!كما أنكر المتهم شعشوع بدر الدين، أخ شعشوع حفيظ، الاتهامات الموجهة، في استجوابه، إليه ولخليفة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات