38serv
أفاد مصدر سياسي مقرب من الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بأن زيارته المرتقبة إلى الجزائر، في 15 جوان المقبل، تم تأجيلها لأسباب قال إنه لا يعرفها. وعولت السلطات الجزائرية على أن تأتي هذه الزيارة، التي لم يعلن عنها رسميا، بخطوة رمزية جديدة على صعيد ما يعرف بـ«الذاكرة الهادئة”، بعد أن أدان هولاند، نهاية 2012، الآلام التي خلفها الاستعمار.وقال المصدر، الذي اشتغل بالقرب من هولاند أثناء حملته الانتخابية للرئاسيات الفرنسية في ماي 2012، لـ«الخبر”، إن المحيط القريب من هولاند “يتحدث عن تأجيل الزيارة التي كانت مبرمجة إلى الجزائر الشهر المقبل”. ولم يعلن لا فرنسيا ولا جزائريا، بصفة رسمية، لا عن وجود زيارة ولا عن تأجيلها. ويتضح أن الطرفين لم يتفقا على إجرائها، لعدم جدواها في الوقت الحالي. فزيارة من هذا النوع تأخذ بعدا سياسيا بالأساس، وفي حالة العلاقات بين الجزائر وفرنسا تطغى قضايا الذاكرة على هذا البعد، فيما يأتي التنسيق لحل الأزمات الإقليمية مثل أزمتي مالي وليبيا، في الدرجة الثانية.وكتبت مجلة “جان أفريك” في 8 ماي الجاري، نقلا عن “مصادر متطابقة”، أن هولاند سيؤدي زيارة رسمية إلى الجزائر في منتصف جوان وسيلتقي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وقالت إن الزيارة تدوم يوما واحدا، وأن البرنامج الخاص بها “يظل سرا”. وأشارت، استنادا إلى “مصادر دبلوماسية”، إلى أن الرئيس الفرنسي سيتنقل إلى مصنع “رونو” بوادي تليلات في ولاية وهران.وأوضحت “جان أفريك” أن “التسيير المباشر للزيارة من طرف الإليزيه وقصر المرادية، “أحدث نوعا من التوتر”. والسبب، حسب المجلة، أن سفير الجزائر بفرنسا “يكون اشتكى لدى وزارة الخارجية الجزائرية كونه علم بالزيارة من قنوات غير مباشرة”.وبرمجت الحكومة الفرنسية، بالاتفاق مع المسؤولين الجزائريين، زيارة لرئيس الدبلوماسية لوران فابيوس إلى الجزائر يوم 12 من الشهر الجاري. ولهذا التنقل بعد اقتصادي، لأن فابيوس سيكون مرفوقا بوزير الاقتصاد والصناعة والرقمية، إيمانويل ماكرون، إذ سيزوران مصنع تجميع قاطرات ترامواي عنابة التي تصنّعها شركة “ألستوم”.ومن المرجح أن الفكرة كانت أن تجرى زيارة لهولاند، لتأكيد “جودة العلاقات الثنائية في شقها الاقتصادي”. هذا الجانب تريده فرنسا مدخلا لتحسين العلاقات في بعدها السياسي، خاصة الشق المتعلق بـ«الاشتغال على الذاكرة”. وقد يكون عدم استعداد هولاند لتقديم شيء جديد في اتجاه الاعتراف بجرائم الاستعمار، سبب تأجيل الزيارة. وإن كان المسؤولون الجزائريون لا يظهرون إصرارا على أن يعترف الفرنسيون، رسميا، بفظاعة ممارساتهم خلال 132 سنة من الاحتلال. وفي نظر المهتمين بملف الذاكرة، فإن حصول الشركات الفرنسية على أهم المشاريع في الجزائر دليل على أن الجزائريين لا يتخذون من هذا الموضوع شرطا لإقامة “بزنس” مع فرنسا، وهو بالضبط ما تريده باريس في علاقتها مع الجزائر.وكان جان مارك تودتشيني، كاتب دولة لقدامى المحاربين، صرح، في 19 أفريل الماضي، عشية زيارته الجزائر، أن “الاعتراف الرسمي تم بصفة علنية خلال الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية، فرانسوا هولاند، يوم 20 ديسمبر 2012. وقد أكد خلال هذا اليوم التاريخي أن مجازر سطيف وڤالمة وخراطة تظل راسخة في ذاكرة الجزائريين وكذا الفرنسيين”. وقال إن تلك الأحداث “كانت شاهدة على عدم احترام فرنسا لقيمها العالمية، في الوقت الذي انتصر العالم على همجية الحرب”.وما قاله هولاند بالضبط في ذلك الخطاب هو: “تم إخضاع الجزائر، خلال 132 سنة، لنظام ظالم ووحشي. إنني أعترف هنا بالآلام التي سببها الاستعمار للشعب الجزائري، ومن بين هذه الآلام، هناك مجازر سطيف وڤالمة وخراطة”. يلاحظ أن كلام هولاند لم يكن إدانة للاستعمار وإنما اعتراف بالآلام التي خلفها الاستعمار.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات