أمر الله تعالى في القرآن الكريم بإخراج الصّدقات للفقراء والمساكين في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التّوبة:60، فالصّدقة من الأفعال المحبّبة إلى الله تعالى، وهي مُطهّرة للنّفس، ومكفّرة للذّنوب والخطايا، ولكن يجب على المسلم أن يُخرجها بصدق دون رياء.التّصدق والإنفاق في وجوه الخير والمعروف على الفقراء والمحتاجين ثوابه عظيم عند الله، فالله تعالى يضاعف الصّدقة أضعافًا كثيرة، فذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} وقال تعالى: {آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} وقال تعالى: {مَنْ ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفُهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} وفي سورة البقرة {فَيُضَاعِفُهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةٌ}.ولمَا للصّدقة من ثمار عظيمة، فقد حثّ عليها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في مواضع كثيرة من سُنّته وبيّن أنّ الصّدقة لا تنقص المال أبدًا، بل تزده “ما نقَصَ مالٌ مِن صدقة بل تَزِدْه بل تزدْهُ بل تزدْهُ”، وفي سنن الترمذي قال صلّى الله عليه وسلّم: “إنّ الله يأخذ الصّدقة بيمينه فَيُربِّيها لأحدكم كما يُرَبِّي أحدكم مهره حتّى إنّ اللُّقمة لتَصير مثل أحد”، وقوله عليه الصّلاة والسّلام: “الصّدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النّار”، وفي سنن ابن ماجه عن جابر بن عبد اللهِ قال خطبَنا رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلّم فقَال: “يا أيّها النّاس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا وبادِروا بالأعمال الصّالحة قبل أن تُشْغَلُوا وَصِلُوا الّذي بينكم وبين ربّكم بكثرة ذِكْرُكم له وكثرة الصّدقة في السِّرّ والعلانية ترزقُوا وتنصروا وتجبروا”.إنّ الصدقة في السرّ تقي مصارع السُّوء، وتطفئ غضب الربّ، ففي الحديث الّذي رواه الترمذي قال صلّى الله عليه وسلّم: “إنّ الصّدقة لَتُطفئ غضب الربّ وتَدفع عن ميتة السّوء”.فالمال الّذي يتصدق منه ينمو ويزيد، ويقيه الله من الآفات، ويُبارك فيه، وفي الحديث القدسي أنّ الله تعالى يقول: “يا ابن آدم أنْفِق يُنْفَق عليك”، وقال عليه الصّلاة والسّلام: “ما طلعت الشمس إلاّ وعلى جنبيها ملكان يقول أحدهما: اللّهمّ أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللّهمّ أعطِ مُمْسكًا تلفًا”. ولا شكّ أنّ دعاء الملائكة مستجاب.وأمّا مَن بخل واستولى عليه الشحّ بما عنده من فضل الله، فإنّه محروم من هذا الفضل والثّواب العظيم الّذي يلاقيه المنفق في الدّنيا والآخرة، فإنّ السّخي قريبٌ من الله، قريب من النّاس، بعيد عن النّار، والبخيل بعيد عن الله، بعيد عن النّاس، قريب من النّار، ولهذا قال عليه الصّلاة والسّلام: “اتّق النّار ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيّبة”، وقد قال عليه الصّلاة والسّلام: “مَن أطعم أخاه حتّى يشبعه، وسقاه حتّى يرويه باعده الله من النّار سبعة خنادق ما بين كلّ خندق خمسمائة عام، واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمَن تعول”.والصّدقة تحول بين العبد وبين ما قد ينزل من البلايا، فقد ورد أنّ البلاء حين ينزل، فتتلقاه الصّدقة فيتعالجان إلى يوم القيامة. والله أعلم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات