+ -

إنّ الإنسان مجبول على حبّ المال؛ فهو لا يشبع في جمعه وتحصيله بكلّ طريق، ولا يقنع بالقليل منه؛ ولهذا من قال: أنا لا أحبّ المال؛ فهو إمّا مجنون أو كذّاب، كما يسعى إلى اكتنازه والخوف من إخراجه ولو باستثماره؛ ولهذا قيل: المال جبان.إنّ حبّ المال قد يُعمِي ويُصمُّ؛ فهو غريزة وشهوة يحتجنها الحرص والشره؛ ولهذا يقول سبحانه: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ} النّساء:14؛ والمُزين هو الله سبحانه وتعالى، ويقول جلّ شأنه: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} الفجر:19-20، ويقول سبحانه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} العاديات:8.ولمّا كان حبّ المال بكلّ ذلك الحضور في النّفس البشرية فهو في حكم المغلوب عليه؛ فهو عفو لا يضرّ العبادة إذا اقترن معها في النّية؛ ولهذا كان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم يأمر أن ينادى في صفوف من حضر الجهاد: “مَن قتل قتيلًا له عليه بيّنة، فله سلبه” رواه البخاري ومسلم؛ فمطلق التشريك؛ أي في النّية، كمَن جاهد ليُحصّل طاعة الله بالجهاد وليُحصّل المال من الغنيمة، فهذا لا يضرّه ولا يحرم عليه بالإجماع” (القرافي، الفروق ج3 ص10)؛ ولهذا قال سعد بن أبي وقاص أحد العشرة رضي الله عنه في إحدى الغزوات: “يا ربِّ، إذا لَقينا القومَ غدًا فلقِّني رجلًا شديدًا بأسُهُ، شديدًا حَردُه، أُقاتِلُه فيكَ، ويُقاتِلُني، ثمّ ارزُقْني عليه الظَفَرَ، حتّى أقتُلَه وآخُذَ سلَبَه” أخرجه الحاكم في المستدرك على الصّحيحين، وقال عقبه: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقرّه الذهبي، ونظير ذلك من حجّ وشرك مع الحجّ التجارة؛ ولهذا قال سبحانه في آيات الحجّ من سورة البقرة {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} الآية:198. يتبعكلية الحقوق والعلوم السياسية- جامعة البليدة2

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات