الارتجال في كيفية رشف القهوة العربية 6

+ -

فتبقى الأحلام والكوابيس حيث يهرول الناس ويبرولون بين روافد الجنون و”هفان” الشعور والمنطق الملطخ بوحل التفاهة ورماد السذاجة وحمق التطير، لكن المهم: ماء الوجه الذي يرن على شفرة السكين الذي يذبح يوميا العرب في كل أنحاء المنطقة العربية. يُذبح المسلمون والمسيحيون والأقباط والأكراد والآشوريون وما تبقى من اليهود “الذين هادوا” واختاروا العيش في بلدانهم ورفضوا الهجرة (العالية) إلى إسرائيل. تسفك دماء القوم والمذياع يهصهص والملايين لم تعد تعرف سوى صدأ الدم المتقاطر غزيرا وبقوة تفوق الأمطار الطوفانية التي اجتاحت الجزائر هذا الشتاء. فتلهث النساء العربيات وتسافر بالملايين نحو حدود أخرى فتصبحن لاجئات وتتخبأ في المعسكرات القذرة، فتزغردن كلما حدثت مجزرة وتزغردن في المآتم والأعراس القصديرية. والفرق بين كل هذه الحالات هاوية تلغى بمرسوم يكبت الأنوثة ويشجع على الاغتصاب (300 صبية اغتصبتها جماعة بوكو حرام النيجيريةǃ لماذا؟).يترشف المواطن العربي القهوة كل صباح ويتردد ويترجح: هل يتحول إلى مرتزق؟ هل يلتحق بداعش؟ هل يلتحق بالجيش السوري الرسمي؟ هل يبقى ماكثا في بيته والبطالة تضرب أطنابها؟ هل سيبيع الكتب الرثة والقديمة على رصيف شارع أبي نواس أو على رصيف حي السيدة زينب أو على رصيف شارع النيل؟ أو.. أو هل سيقلد تلك الجراحة الحلبية  ويتحول إلى قتال مهني يقتل تحت الطلب أي مواطن عربي لأسباب سياسية أو للقصاص أو لمشاكل عائلية؟ من يريد أن يتخلص من عدو له فليقدم طلبية ويحمل معه 100.000 دولار، ضحك المواطن العربي من هذا الهبل.وترشف القهوة يعبر عن أزمة الأشخاص العرب وعن كيفيتهم في استقبال النهار. قرأ عنوانا ضخما في جريدة لبنانية: “انقلاب أبيض في مصر: الماريشال السيسي يعلن حالة الطوارئ وينحي الرئيس مرسي”.قال: “مو معقولǃ يا ساترǃ ذهب جنرال (مبارك) وجاء ماريشال (السيسي)! يا ستار! غريبة هذه البوتقة العربية. عجيب هذا العالم العربي. قال: “ولكن لا مناص من الواقع لأنه متعنت وصلب خاصة أن الشعوب الفقيرة تكسب خيالا واسعا وثريا، والواقع لا مناصر منه: جدار ألمس وأملس وأصم. جدار أعمى مُطين، لا يمكن فك لغزه حتى في تأويل خطبة الجمعة في جامع الأزهر. كما لا يمكن تحريف الأحلام والكوابيس واستعمال المجاز والقراءات الماورائية على فناجين البن”. تذكر أغنية لعبد الحليم حافظ كان يكرهها، كما كان يكرهه هو كذلك. مغني الورديات والبكاءات الخزامية، خاصة أنه يعلم (هذا المواطن العربي أينما كان) أن رؤساء الدول وملوك المملكات العرب يؤمنون بقراءة الفنجان وقراءة الخط الرملي واستشارة المتشعوذين وضرب الخفيف والرقية، لأنهم يخافون على أرائكم وكراسيهم ويخافون الاغتيالات.سمع، وهو في قعر بيته المتواجد في حي أصبح خرابا، أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي غيّرا رأيهما بالنسبة لكوبا. فرح ذلك اليوم وفتح زجاجة “شمباني” كان قد خبأها منذ سنة 2003 عندما غزت الولايات المتحدة العراق. فتح الزجاجة وقال: VIVA FIDEL! VIVA ELCHE! VIVA CUBA آه! بعد نصف قرن انتصرت كوبا الصغيرة على الغول “اليانكي” (كان هذا المواطن في زمن غابر يدرّس الأدب الأمريكي المعاصر في جامعة عربية)، تذكر عند ذلك (وهو طفل) شعارات مكتوبة على جدران قريته: YANKEE GO HOME وقال بصوت عال: “أمريكا اللاتينية هي أملنا هي التي صدمت قرونا وقرونا وها هي الآن قد انتصرت على الوحشي الأمريكي”. ثم سأل نفسه: “لكن لماذا تقبل كوبا أن توجد قاعدة أمريكية على أرضها؟ لماذا هذا الـGUANTANAMO وقد أصبح اليوم أكبر بؤرة لتعذيب العرب بطريقة وحشية؟ ولا يهمني ندم أوباما واعترافه بأن بلاده عذبت الكثير من الأشخاص في السنوات الماضية. لا يغنيني من جوع هذا البوح المفاجئ.. لأنني أعلم أن أمريكا مارست التعذيب منذ القرن السابع عشر عندما أبادت الهنود الحمر عن آخرهم! إذن: أوباما منافق كبير ودجال أخرق..”. يتبع

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات