لويزة الظاهرة. حنون الخارقة. لم تترك أحدا إلا وصوبت في اتجاهه سهما أو وردة. عندما لاحظت أن توجيه التهمة لا يعني شيئا في فضاء هواؤه فاسد، اختارت التحدي وكأنها تقول ”أين رجالكم ليردوا علي؟”.هي حنون من تشكل الخطر على رجال من السلطة والمال، وليس ملفات الفساد ولا التحقيقات حول الفساد. فمهما قيل أو يقال عن تورط هذا الوزير مع ذاك المقاول، فعجلة الأمر الواقع السياسي تطحن كل إرادة صادقة تريد التطهير، أو تسعى لإقامة العدل باسم الشعب الجزائري. نحن أمام أمر واقع يلغي كل قيمة لها قرابة مع شيء اسمه إحقاق الحق.لماذا يشعر الطيب لوح وهو وزير العدل، بضرورة كتابة رسالة تذكير جاءت في صيغة فعل أمر موجهة لممثلي النيابة، تطلب منهم التحرك كلما تعلق الأمر بقضية تشغل الرأي العام؟ هل يريد القول إنه بريء من الجمود؟فالقضايا التي تشغل الرأي العام جميعها تلتقي حول الفساد، المستثمر في شكل عقارات في الخارج أو ودائع بنكية أو استثمارات في الجزائر؟ فما تردده حنون منذ أشهر وسنوات، كلها قضايا تشغل الرأي العام. وما نقلته الصحف عن سوناطراك والطريق السيار، هي جزء من قضايا تشغل الرأي العام.لا أقول إن رسالة لوح تأتي لتصحح، فقبلها كانت رسائل صدرت عن الرئيس شخصيا، لكنها بقيت حيث هي. إن أقرب تفسير لرسالة لوح، أنه رد على تزايد توجيه سهام الفساد للسلطة. وبما أن الخطوط الحمراء التي وضعتها لحماية نفسها من المساءلة لم تعد كافية، تلجأ اليوم إلى رفع سيف التهديد بالمتابعات القضائية، في شكل رسالة آمرة جاءت بصيغة التذكير والوعظ.هل حياتنا هي عبارة عن مجموعة من الأزمات؟ هل مستقبلنا تافه إلى درجة تلخيص كل الفشل في كلمة أزمة؟ قديما، قيل إن ”الأزمة تلد الهمة”. لكنها عندما وصلت إلى بلدنا وحطت بين طبقة حاكمة عاجزة، تحولت الأزمة إلى معجزة لتبرير الفشل، جملة وتفصيلا. فالنظام بطبيعته لم يولد بشكل طبيعي، لهذا كان التهديد لغته، والعنف وسيلته.قد نراها من مواقعنا مفارقة، تلك الأسطوانة التي يرددها جناح حاكم عن تغيير دستوري يقيم دولة مدنية. لكن من يعود إلى الوراء قليلا يعثر على نماذج وعد بتحولات سياسية، انتهت إلى تصفية حسابات. فالشيء الذي لا يمكن إغفاله، هو استحالة انتظار تجسيد مثل هذه القيم لأسباب موضوعية، أولها أن التزوير هو سمة الاختيار، ثم ذلك الإصرار على خلق وفاق وطني باستخدام وسائل التمزق والتشتيت. أليس من الغريب أن تمنع السلطات وفدا حزبيا مسالما ومحاورا من وضع باقة زهور بساحة حرية الصحافة يوم الاحتفال بحرية التعبير؟ فأي رسالة نفهما غير تلك القائلة بأن الوفاق في نظر النظام يمر عبر باب الولاء الذي لا يكون إلا ضمن وفد رسمي. وجب اليوم الاعتراف بالفشل في تقليد ”الآخر”، فالتعددية هي مجرد رقم والتنوع يغلب عليه التمزق. فما كان يمكن أن يكون قوة دفع لمجتمع خلاق مبتكر، هو الآن من عناصر التهديد، بسبب مخلفات تسيير سياسي استثمر في تقبيح التنوع الثقافي لأسباب ”وطنية” تارة ودينية تارة أخرى، مرة يمنع باسم القانون ومرة يحرم باسم الدين. وطبيعي أن يتكاثر ضحايا هذا التشتيت المقصود الذي نقرأه عبر تعاليق جزائريين يتراشقون الكبرياء باسم العروبة أو الأمازيغية، وهو شكل يعبر عن نمو نوع من العنصرية التي تريد إلغاء الآخر.فماذا يمكن أن نخشاه الآن غير رصاصة غادرة، تعطل التقدم نحو التمدن، وتبقينا في سجال عرقي وجهوي. نخشى رصاصة انتقام من الطرف الثالث المجهول، التي تفشي الخوف وتغلب الانتقام[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات