أكثر من نصف القروض لـ"حفنة" من رجال المال!

+ -

ارتفعت قيمة القروض الممنوحة من طرف البنوك الوطنية والموجهة للاقتصاد الوطني إلى غاية نهاية السنة الماضية إلى ما تجاوزت قيمته الـ10 آلاف مليار دينار، استحوذت بعض الشركات الخاصة المملوكة من طرف رجال أعمال ومال محسوبين على محيط الرئاسة على نصف قيمتها بما يتجاوز 4700 مليار دينار، أي ما يعادل 50 مليار دولار إلى غاية نهاية السداسي الأول من سنة 2018.

 استحوذت مجموعة محدودة من رجال الأعمال والمال في ظرف قياسي، نتيجة الامتيازات والتسهيلات البنكية والمصرفية الممنوحة لها من طرف بعض البنوك الوطنية، على حصة الأسد من القروض التي وجهت لتمويل مشاريع استثمارية كبرى منحت لهم عن طريق صفقات عمومية فازوا بها طيلة سنوات حكم الرئيس المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة، بحكم القرابة التي كانت تجمعهم وشقيقه السعيد بوتفليقة.وكان بنك الجزائر، برئاسة محافظه الأسبق، محمد لكصاسي، قد نبه البنوك مرارا لضرورة تنويع محافظها المالية من القروض وعدم جعلها تتمركز لحساب فئة معينة من المتعاملين، بعد أن فعّل سنة 2014 تعليمة تنظيمية دعا فيها البنوك ضمنيا إلى توخي الحذر، بتطبيق تدابير احترازية تسقف من قيمة القروض الممنوحة للمتعاملين الاقتصاديين، بتجنب تمركزها في قبضة مجموعة محددة من الشركات، سواء تعلق الأمر بالعمومية أو الخاصة، مبررا ذلك بضرورة الحفاظ على التوازن المالي للبنوك الذي يمكن له أن يختل في حال عدم التزام أصحاب القروض بتسديدها.بالرجوع إلى الأرقام الرسمية لبنك الجزائر للسداسي الأول من سنة 2018، فإن القطاع الخاص يكون قد استحوذ على ما قيمته 4766,8 مليار دينار، أي ما يمثل 50,67 بالمائة من القروض الإجمالية التي بلغت إلى غاية نهاية السداسي الأول ما يقدر بـ9408,1 مليار دينار. وتجاوزت قيمة القروض الممنوحة للشركات الخاصة حتى نهاية جوان 2018، تلك المقدمة للقطاع العمومي، حيث استفاد هذا الأخير من حصة 49,3 بالمائة من قيمة القروض الإجمالية بما يقدر بـ4640,3 للقطاع العام إلى نهاية السداسي الأول من 2018.وبالنظر إلى تشكيلة النسيج الصناعي والتجاري في الجزائر، فإن أغلب المستفيدين من القروض الموجهة للاقتصاد كانت شركات خاصة كبرى مملوكة من طرف رجال أعمال أصبحت أسماؤهم تتداول بين عامة الناس، بعد أن رفع الحراك الشعبي الستار عن من وصفهم رئيس أركان الجيش، نائب وزير الدفاع، أحمد ڤايد صالح، بـ”عصابة” امتهنت، خلال السنوات الأخيرة، حرفة تهريب أموال الجزائريين إلى الخارج. ورغم ارتفاع السيولة النائمة حاليا في البنوك إلى أكثر 1400 مليار دينار وزيادة القروض المصرفية الممنوحة من طرف هذه الأخيرة بأكثر من 10 آلاف مليار، إلا أن مساهمتها في النهوض بعجلة الإنتاج والاستثمار في الجزائر تكاد تكون منعدمة، بتوجيه هذه الأموال الطائلة إلى مشاريع لم ير أغلبيتها النور، ما جعل أصحابها يتسببون في تراكم المستحقات غير مضمونة الدفع للبنوك الوطنية.بالمقابل، قوبلت طلبات القروض المقدمة من العديد من الشركات المتوسطة والصغيرة، التي تغنت الحكومات المتعاقبة خلال العشرين سنة الماضية بضرورة النهوض بإنتاجها للخروج من التبعية للمحروقات، بالرفض في ظل عجز هذه المؤسسات عن توفير الضمانات التعجيزية المفروضة من طرف البنوك الوطنية .للتذكير، كان آخر تقرير للبنك المركزي لسنة 2017 قد كشف عن عمليات تفتيش ومراقبة قام بها مفتشوه على مستوى بعض البنوك الوطنية، أسفرت عن تأكيد تركيز قروض أحد البنوك، الذي لم يتم ذكر اسمه، على خمسة متعاملين اقتصاديين استفادوا من أكثر من 50 بالمائة من مجمل الودائع التي تم تحصيلها لدى المودعين الثلاثين الأوائل. وليست المرة الأولى التي تتم فيها الإشارة إلى مسألة تمركز القروض لفائدة متعاملين أو أشخاص قلائل يمثلون نسبة كبيرة من القروض الممنوحة من قبل البنوك، حيث يستفيد بعض المتعاملين من نصيب معتبر من القروض المصرفية، في وقت أحصى بنك الجزائر قرابة 10 آلاف متعامل ومؤسسة وشخص منعوا من إصدار الصكوك بعد حالات إصدار صكوك دون رصيد في التعاملات المختلفة .كما اعترف بنك الجزائر في التقرير نفسه بتسجيل بعض المعاينات يتعلق أهمها بعدم وجود إستراتيجية وغياب خريطة المخاطر وكذا خطة لمعالجة الحالات الطارئة، إلى جانب عدم ترسيم سياسات وإجراءات ذات صلة بإدارة مخاطر السيولة وكذا ضعف الرقابة الدائمة في تغطية هذه المخاطر.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات