+ -

 قبل ربع قرن تقريبا انخفض سعر البترول ووقع هلع في السلطة وسرايا الحكم، وحدثت أحداث أكتوبر 1988، وكان من نتائجها الانفتاح السياسي والإصلاح الدستوري، حيث نقلت بعض صلاحيات رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة.وكان أول رئيس للحكومة بعد الإصلاح السياسي للدستور هو المرحوم قاصدي مرباح، الذي شرع وقتها في ترتيب حالة الاقتصاد على ضوء الأزمة وعلى ضوء الإصلاحات الدستورية الجديدة، فكان التسارع في بيع بعض ما تملكه الجزائر من ذهب ومن مؤسسات، وساد تخوف في الرأي العام من أن تبيع الحكومة الجديدة بالصلاحيات الجديدة كل شيء يتحرك أو ثابت في الجزائر.سرحت وقتها بخيالي فتخيلت أن الحكومة أيامها ستبيع حصة الجزائر من الشمس، باعتبار أن فرنسا والفرنسيين يحبون شمس الجزائر !وتخيلت أن الحكومة ستبيع أيضا قطعانا من النساء الجزائريات، وكتبت في “الوحدة” آنذاك أقول: “إن الحكومة بسياسة البيع لكل شيء ستصل إلى بيع نساء الجزائر! وكل مواطن له امرأة جميلة يمكن أن تطالها سياسة الحكومة بالبيع.. ولهذا على كل مواطن (يملك) زوجة جميلة أن يذهب لتسجيلها باسمه في الشهر العقاري، لأن عقد البلدية لا يحميه من إمكانية إقدام الحكومة على نزع ملكيته لزوجته وبيعها كسلطة للخارج!”. اهتز المرحوم قاصدي مرباح لهذه الصورة الكاريكاتورية، واستدعاني إلى مكتبه في رئاسة الحكومة ليلومني على هذه الكتابة، فقلت له: “أنا لست ضد بيع الحكومة لشمس الجزائر وذهب الجزائر وبترول الجزائر، وحتى نساء الجزائر! بل إذا بعتم هذا أريد أن آخذ حقي منه فقط!”.اليوم هذا الخيال أصبح واقعا: منذ أيام سمعت بأن مسؤولا جزائريا في الحكومة عرض على السعودية تصدير نساء “عاملات نظافة” إلى هذا البلد، وفهمت أن الحكومة الجزائرية تريد استخدام النساء كسلعة للتصدير، وأن مصطلح “عاملات النظافة” ما هو إلا صيغة للتعليب فقط! ولم يطل الوقت وخرج علينا رئيس أرباب العمل باقتراح في الصين يدعو فيه الصينيين إلى الاستثمار في الجزائر، وقال لهم: “إن الجزائر تتوفر على المال والنساء للزواج؟!”، وتأكد أن برنامج بيع النساء كسلعة هو سياسة اقتصادية لحكام الجزائر وليس مسألة أخرى! والرجل لا ينطق عن الهوى، فقد رافق الوزير الأول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ورافقه إلى الصين، وتحدث باسم الحكومة الجزائرية لسفراء أجانب، وهو شبه ناطق رسمي باسم الرئيس وباسم الحكومة، ولهذا فلابد أن نأخذ كلامه على محمل الجد، وهو ليس زلة لسان مثل زلة لسان سلال في موضوع الشاوية! الأكيد أن أحجار بوتفليقة السلطوية تتساقط برداءة الأداء!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات