يتولى متطرفون ممن أجرت لهم الزاوية البلقايدية محلات في مركزها التجاري الكائن بشارع أحمد زبانة بوهران، بيع عدد من الكتب التي يفترض أنها ممنوعة بقرار من وزارة الشؤون الدينية، أبرزها كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب كـ“الدرر السنية في الأجوبة النجدية” و”التوحيد” و”مسائل الجاهلية” وغيرها، إلى جانب كتاب “مجموع فتاوى الشيخ ابن تيمية وفتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين وابن باز وكلها تشكل مراجع أساسية اليوم لعدد من الجماعات المتطرفة. المركز التجاري الذي زرنا بعض أجنحته هو ملك للزاوية الصوفية البلقايدية، قامت بإيجار محلاته إلى عدد من المشتغلين بتسويق الكتاب، استنادا لأقوال بعض أبناء شارع أحمد زبانة الشهير. عندما كنا نمتطي الدرج للوصول إلى الطابق الثاني الذي تستوي فيه عدد من المحلات التي تأخذ شكل مكتبات، لم نصادف إلا الملتحين من الرجال والنقاب للنساء، وهم في رحلة صعود ونزول، المهم أن أغلب أصحاب تلك المحلات ملتحون، سميهم سلفيين إن شئت.عندما دخلنا واحدة من المكتبات، شدّ انتباهنا عدد الكتب الدينية المستوردة أغلبها من السعودية، بينها كتاب “التوحيد”، “مسائل الجاهلية”، “الكبائر” و”أصول الإيمان” و”السيرة” لصاحبها الأب الروحي للفكر الوهابي الشيخ محمد ابن عبد الوهاب. سألنا صاحب المكتبة “ب.ن” عما إذا كان كتاب “الدرر السنية في الأجوبة النجدية” متوفر، فقال إن “الكتاب نفد منذ بضعة أيام والطلب كبير عليه وإذا كنت ترغب في شرائه فما عليك إلا منحنا رقم هاتفك، إنه كتاب يباع تحت الطلب”.الكتاب يباع تحت الطلب..اقتربنا من واحدة من رفوف المكتبة لتفحّص عناوين باقي الكتب، كان صاحب المكتبة يجري مكالمة هاتفية مع شخص آخر ليسأل عن كتاب” الدرر السنية في الأجوبة النجدية”، وبعد لحظة قصيرة قطع مكالمته والتفت إلينا قائلا “الكتاب موجود في العاصمة، سيصل إلى وهران في غضون يوم أو يومين متى ستأتي لتأخذه”. حينذاك عرفنا أن المكالمة الهاتفية تمت مع أحد مستوردي الكتاب بالعاصمة. سعر هذا الكتاب، حسب المتحدث يقدّر بـ12 ألف دينار بعدما كان يباع في وقت سابق بسعر 16 ألف دينار ويتضمن 16 مجلدا. ووقفت “الخبر” على كتب أخرى استوت فوق رفوف تلك المكتبة لا تقل خطورة عن الأولى كونها مصنفة ضمن تكوين وتشكيل الذهنية التكفيرية المتطرفة. وقال لنا بعض ممن تولوا تسويق الكتاب لعدة سنوات، إن مثل هذه الأنواع من الكتب متوفرة أيضا بعدد من مكتبات مدينة وهران وبعض مدن غرب البلاد الأخرى، كما تباع ببعض المكتبات في العاصمة، وهم الذين يؤكدون أن كتاب “الدرر السنّية في الأجوبة النجدية” كان حاضرا ضمن جملة الكتب التي عرضت خلال المعرض الدولي للكتاب بالعاصمة العام الماضي، مما يطرح بالتالي تساؤلا أكبر عن الجهات التي ترخّص لدخول هذه الأنواع من الكتب من الخارج، بل ومع أن هذا النوع من الكتب أدرج ضمن حيز الكتب الممنوعة من طرف الجهات القائمة على رقابة الكتاب وغير مرخص لها من قبل وزارة الشؤون الدينية قصد استيرادها، إلا أنها من جهة أخرى تجد سهولة في عرضها بالمعرض الدولي للكتاب، بل وتدخل إلى الجزائر على مدار السنة. الدكتور بوزيد بومدين: راسلنا الجهات الأمنية بخصوص “الدرر السنية”“تحدثت شخصيا مع بعض الضباط في الأمن لسحب الكتاب من السوق بوهران منذ 06 أشهر وراسلت وزير الشؤون الدينية بشأن الموضوع، كما راسلت الأمانة العامة للوزارة بدروها وزارة الشؤون الداخلية وأطلعتها على القضية، وهذه الكتب الممنوعة تكفّر الجزائريين الأشاعرة والمتصوفة والإباضية وتحث على الجهاد.وأوضح مدير الثقافة الإسلامية بوزارة الشؤون الدينية بومدين بوزيد في لقاء معه، أن “الكتب التي لم ترخّص لها وزارة الشؤون الدينية بهدف استيرادها، تتضمن سلسلة الكتب التي ألّفها محمد بن عبد الوهاب وفي مقدمتها “الدرر السنية في الأجوبة النجدية” و”التوحيد” و“الأصول الثلاثة” وغيرها، لأن خطرها يكمن في تكفير الجزائريين الأشاعرة والمتصوفة وكذا الإباضية، إلى جانب كتب المدخليين الخاصة بالسلفية العلمية، بالإضافة إلى كتب مقبل الوادعيومحمد المقدسي وكتب العثيمين وابن باز”. وأضاف بشأن كتاب (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) قائلا “نحن بوزارة الشؤون الدينية قمنا بمراسلة الجهات الأمنية منذ 6 أشهر بشأن سحب كتاب “الدرر السنية في الأجوبة النجدية”، بل قمت بتحرير تقرير إلى وزير الشؤون الدينية بشأن الكتاب، كما راسلت الأمانة العامة للوزارة وزارة الشؤون الدينية وأطلعتها على القضية”. وتابع الدكتور بومدين بوزيد يقول “أنا تحدثت شخصيا مع بعض الضباط في الأمن بخصوص ضرورة سحب هذا الكتاب من السوق بوهران، إذ يتولى أحد المستوردين بيع هذا الكتاب عن طريق الحقيبة في العاصمة، كما يحتمل أن يتم طبع هذا الكتاب بطريقة سرية، وهذه الكتب الممنوعة تباع في المدن الكبرى مثل وهران، الجزائر وعنابة وبجاية.. بل وهناك عمل ممنهج تقوم به السلفية العلمية قصد تسويقه وبيعه”.ويشير إلى أن التقرير الذي قام بإعداده وقدمه للوزير، تم بناء على تقارير لجان مختصة تمنع نيابة مديرية الثقافة للمطبوعات منح رخص لاستيراد الكتب التي تدعو للجهاد، ويقول “من صلاحيتنا عدم إعطاء رخصة لاستيراد الكتب التي تمس بالدين والمرجعية أو المصاحف التي تكون بها أخطاء وليس منع الكتاب”. وإلى ذلك، تشير مصادر أخرى على صلة بتسويق الكتاب بوهران، إلى أن واحدة من المكتبات الكائنة بالمركز التجاري للزاوية البلقايدية تتواجد بها أربع كتب أخرى تطعن في الطريقة الصوفية التيجانية وتصفها بالضلال والانحراف”.مسؤولو الزاوية لم يتحركواوصرح لنا مقربون من الزاوية البلقايدية “الغريب في الأمر أن أطرافا عديدة من المنتسبين إلى الزوايا والطرق الصوفية بوهران ومستغانم وغيرها، أطلعوا القائمين على تسيير الزاوية البلقايدية بأمر الكتب الخطيرة التي تباع بمركزها التجاري، وحتى المكلف بالإعلام بالزاوية اطلع على كتاب “الدرر السنّية في الأجوبة النجدية” هناك، ومع ذلك لم يتحرك المسؤولون عنها، خاصة وأن الكتاب أصبح مرجعا مهما لدى “داعش” وباقي الجماعات التكفيرية المتطرفة، لما يتضمنه من فتاوى خاصة بتكفير المسلمين والخروج عن الحكام بالسلاح وتبرير أفعال القتل”.كتاب “الدرر السنّية في الأجوبة النجدية” الذي جمعه الشيخ عبد الرحمان بن محمد القاسم الحنبلي النجدي، في طبعة سادسة مزيدة ومنقحة، باتت تنظر إليه اليوم أوساط مثقفة ومتعلمة وأخرى مطلعة على علوم الفقه في الجزائر وعدد من الدول العربية على أنه يتضمن فكرا وهابيا خطيرا لما يتضمنه من فتاوى برر فيها محمد بن عبد الوهاب الذي عاش خلال القرن الثاني عشر للهجرة خروجه عن الخلافة العثمانية أي (الخروج عن الحاكم) بالنظر لفتاوى تكفير الخلافة العثمانية وكذا رسائل تكفير المسلمين المخالفين له ولأتباعه وتكفير المتوسلين بالأنبياء والأولياء الصالحين والذين يزورون الأضرحة، وهو الذي دعا إلى هدم المساجد التي تتواجد بها أضرحة بعد أن أفتى ببطلان الصلاة فيها ودعا إلى هدم مقامات الأولياء على نحو ما تقوم به “داعش” اليوم. وكذا إلحاق البدعة بعلماء أشاعرة من أهل السنّة والمخالفين له من أتباع الأئمة الأربعة، مع زرع فكر كراهية الآخر المخالف للمسلمين، فضلا عن فتاوى أبنائه وأحفاده ورسائل علماء الدعوة الوهابية حتى ثلاثينيات القرن الماضي، وتحولت الوهابية إلى تيار فكري حركي ودعوي مند قرون له تاريخه وخصائصه ومصنّفاته وشيوخه.ويضم كتاب “الدرر السنّية في الأجوبة النجدية” 16 مجلدا، يتضمن المجلد الأول كتاب العقائد والثاني كتاب التوحيد، وهو واحد من أشهر مؤلفاته حسب أتباعه، يتطرق فيه إلى معتقده حول حقيقة التوحيد والشرك ومفاسده، فيما يتضمن الجزءان الرابع والخامس كتاب العبادات، أما الجزءان الثامن والتاسع فيحتويان كتاب الجهاد، بينما يتضمن الجزء العاشر كتاب حكم المرتد، والحادي عشر والثاني عشر، كتاب مختصرات الرد، وخصص المجلد الرابع عشر لكتاب النصائح والخامس عشر والسادس عشر لكتاب البيان الواضح.داعش والدرر السنّية..ويقول الدكتور حاتم بن عارف العوني، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، في إحدى خرجاته المنتقدة للتيار السلفي عبر إحدى القنوات الفضائية “التكفير الصريح موجود في 40 صفحة من كتاب “الدرر السنية في الأجوبة النجدية” وهي عبارة عن نماذج، بينها تكفير الحاكمية، ولا توجد جهة أو جماعة في التاريخ استباحت الدم كما استباحته “داعش” في “الدرر السنية”. ويرى أن التنظيم “داعش” اعتمد كتاب “الدرر السنّية في الأجوبة النجدية” كمرجع أساسي في استباحة دم المسلمين وغير المسلمين، مضيفا بالقول “هذا الفكر التكفيري يفتك بالعقول وأي خيانة للأمة والوطن أعظم من التستر على هذا الفكر التكفيري، لأن الغلو في التكفير هو الذي تسبّب في سفك الدماء في عدد من بقاع العالم الإسلامي من قبل الحركات والجماعات المتطرفة، ومستنداتها الفكرية هي كتاب “الدرر السنية”، ولدينا أدلة وأمثلة على ارتباط هذه الجماعات بهذا الكتاب”. وتابع حاتم بن عارف العوني يقول “المقررات التي تدرس عند هذه الجماعات مثل “داعش” موجودة في “الدرر السنية”، بل وحتى بعض القنوات الفضائية بثت نواقض الإسلام الـ 10 عند “داعش” وهي النواقض المتضمنة في “الدرر السنية”.الأستاذ عبد الحفيظ غرس الله، المختص في علم الاجتماع الديني لـ“الخبر”“نحن نعيش مرحلة “البريكولاج” الديني” الشباب الجزائري لم يعد يلتزم بالمذهب المالكي جامع الأزهر تخلى عن التأطير الديني وحلت محله المؤسسة الدينية السعوديةفي سياق إثارتك لمسألة التحولات الدينية في الجزائر، هل بوسعك أن تذكر لنا بعض الأشكال الجديدة لأنماط التديّن؟ هناك أنماط الجماعات الدينية كالسلفية والإخوانية وغيرها التي تعيش صراع الهيمنة على الفضاءات الاجتماعية والدينية على مستوى (الأحياء السكنية، المساجد، الأحياء الجامعية..). التديّن السائد في المجتمع الجزائري الآن محكوم بأدبيات الخطاب السلفي، وحتى أدبيات الإخوان المسلمين التي دخلت الجزائر في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كانت متأثرة بالخطاب السلفي، بل وحتى من تبنوا فكر الإخوان المسلمين في الجزائر دخلوا في صدام مع المكون الديني في الجزائر مثل الإخوان الذين لا يتقيّدون بالفكر والمذهب المالكي، يتبعون السيد سابق في فقه السنّة ولا يتبعون المالكية. وفي غمرة كل ذلك نجد نوعا من التديّن العام لدى الفرد الجزائري خارج هذه الأنماط الخاصة بالجماعات، وهو تديّن يتميز بحيرة كبيرة بالنظر لوجود خطابات دينية أخرى، ذلك في ظل غياب مرجعية دينية رسمية. أما بخصوص سلوكيات وممارسات هذا الفرد، نجد أن الجزائري مازال يعيش الإسلام اليومي، أي يكيّف تديّنه مع التغيّرات العالمية.نفهم من كلامكم أننا نعيش مرحلة بداية تلاشي وزوال المذهب الديني المالكي في الجزائر؟ هذا الأمر يتوقف على حسن تسيير الديني في الجزائر، فإذا كان هناك تسيير راشد للديني، فإن ذلك سيقوي خصوصيتنا الثقافية والدينية ويفعٌّل المكون الديني في الجزائر(المذهب المالكي، الأشعري والسلوكي الروحي). كما أن السياسة الراشدة لإدارة الشأن الديني يجب أن تعتمد على الخبرة العلمية أي الدراسات الحقلية في العلوم الاجتماعية والإنسانية، بمعنى لا بد من اتباع تقليد تأسيس مخابر لمتابعة تطورات وتمظهرات الظاهرة الإسلاموية. والنيل من المذهب المالكي نابع من عدم التزام الأفراد بشكل كبير بأحكام هذا المذهب. فلما يتديّن شاب من الشباب في مجال التعبّد يجد مقررات الفكر السلفي أقرب إليه من كتب الإمام مالك “متون الإمام مالك”، وما لحظناه أن الكتب التي تحمل عناوين صفة صلاة النبي هي أكثر تأثيرا ورواجا من المتن المالكية.إذن عدم تدخل الدولة لتحديد مرجعية دينية رسمية ساعد وسهّل بروز فكر وتيارات متطرفة؟ هناك ظواهر تطرف متمثلة في حركات تكفيرية وجهادية التي وجدت فراغا وأرضية خصبة لأفكارها المصادمة للدولة والمجتمع. ومقابل ذلك، غاب دور الدين الأخلاقي والاجتماعي من المجتمع كإسلام حماية الأسرة، منظومة الأخلاق، الحفاظ على التضامن. فالدين في الحقيقة يصنع أشكال التضامن والإدماج، لكن هذا البعد راح يتلاشى من المجتمع، إلا أن البحث العلمي في الشأن الديني قادر على مؤازرة ومساندة وتقوية المؤسسة الدينية فيما يتعلق بإدارة الشأن الديني. فالمؤسسة الدينية الرسمية لم تستثمر خبرات فرق البحث حول الشأن الديني خاصة وأن العمل الأمني الاستعلامي لا يكفي وحده لرصد تطورات وإفرازات الظاهرة.كلامكم ينطوي على إيحاءات بشأن تلاشي وزوال الإسلام الجزائري التقليدي، ما رأيكم في ذلك؟ الإسلام الجزائري التقليدي كانت تمثله المساجد وزوايا العلم والتصوف إلا أن الاحتلال الفرنسي قام بتعطيل المؤسسات هذه وشجع التدين الشعبي، بعد الاستقلال عمل الرئيس بن بلة على تشجيع الإسلام الطرقي، مع أن هذا الإسلام كان منهكا، بينما حرص بومدين على إعادة الفكر الإصلاحي للواجهة. ومنذ ذلك الوقت انقسمت هذه المدرسة إلى قسمين، فالزوايا والمدارس الدينية كانت تقوم بدور تربوي وتعليمي واجتماعي، وللأسف هذا الدور أصبح معطلا اليوم بعدما أصبح دور هذه الزوايا والمدارس مقتصرا على الفولكلور ولم يعد الإسلام التقليدي يمارس تأثيره على الشباب. لكن إحياء الإسلام الجزائري التقليدي متوقف على كيفية إدارة الشأن الديني في الجزائر من جانب الفصل في مسألة المرجعية الدينية بشكل قانوني ومن جانب تكوين الفاعلين الدينيين واتخاذ موقف من الأفكار المتطرفة الوافدة وإعادة إحياء وبعث الروح في المؤسسات التقليدية بالجزائر.الجزائر تقوم بإيفاد أئمة ومرشدين من مناسبة إلى أخرى إلى جامع الأزهر بمصر بهدف تكوينهم هل ما زال الفكر المدرس والملقن في هذا الجامع المستمد من مرجعية السنّة والجماعة تشكل جزء من المرجعية الدينية للجزائريين؟ هذا الجامع الذي اكتسب شهرة على مر السنوات تخلى عن التأطير الديني وتزحزحت مكانته من المخيال الجماعي لعدد كبير من المسلمين بعد أن فسح الطريق لهيئة كبار العلماء في السعودية لأن تحل محله، أي المؤسسة الدينية السعودية، مرجع الفكر الوهابي نتيجة الدعم المالي والإعلامي الذي تقدمه هذه الدولة. إذ حرصت هذه الهيئة على إغراق السوق الديني بأدبيات الفكر السلفي، ومن ثمة أصبح الجزائريون وغير الجزائريين تحت تأثير هذه المؤسسة. مع العلم أن الجزائر لم يكن لديها أي تحفظ على هذه الكتب، المنشورات، المطويات، الأسطوانات التي كانت تأتي مجانا، بدليل أن الجزائري ما زال إلى غاية اليوم يسأل عن توقيت صيام السعوديين ليقتدي بهم. وقد بينت الدراسة الميدانية التي أجريناها على الشباب الجامعي العادي بمدينة وهران (الذي ليس له أي انتماء لأي جماعة) عدة ملاحظات، بينها الحضور الكبير لأفكار المدرسة السلفية في تصوراتهم، أي حضور كبير للخطاب السلفي مع إنكار وجهل كبيرين للثقافة الدينية المحلية من جانب جهله لإعلام الجزائر في الدين والفقه. وعلى العموم نحن نعيش في الجزائر مرحلة أشكال تدين ما بعد الإسلام السياسي وأهم ملامحها هو المد السلفي وكذا البريكولاج الديني بفعل تعدد الخطابات والعروض الدينية عبر الفضائيات،الكتب،الانترنث ووضعت الفرد أمام عدة خيارات.هل الشيعة والمسيحية حاضرة هي الأخرى بخطاباتها وعروضها ؟ التشيع ظاهرة عمرها أكثر من 30 سنة بالجزائر، ولو أنه لم يتحول بعد إلى شكل من أشكال التدين الواسعة الانتشار، لأن هناك موانع وطابوهات تمنع هؤلاء المتشيّعة من عرض أنفسهم في السوق الدينية كالإفصاح عن شعائرهم، فهم كأفراد وجماعة في الجزائر محكومون بهاجس الخوف. خوف أمني وخوف اجتماعي وديني، لأن المخيال الاجتماعي في الجزائر لما يسمع كلمة (شيعة) تصبح مرادفة لديه لكلمة خطر ديني واجتماعي، وهذا نتيجة الخلاف التاريخي والصراع الدامي بين الشيعة والسنّة، والأمر أخف بالنسبة للمسيحية على اعتبار وجود كنائس في عدة مدن.حاوره بوهران: نوار سوكو
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات