راقبتُ النشاط العقلي المجرّد في ميادين لا علاقة لها بعالم الغيب ولا بمصادر المعرفة فيه فأعجبني هذا الجهد المتّصل في دراسة المادة وقواها وأسرارها، واحتفيت بالثمار اليانعة الّتي عاد بها، وقدّمها للنّاس..وراقبتُ - في الوقت نفسه - هذا النّشاط وهو يدرس الإلهيات والإنسانيات فأنكرتُ بعضًا وٌررتُ بعضًا، وذلك وفق ما بلغني أنباء الوحي. فأنا امرؤ مسلم اعرف رسالات ربّي وأستيقن من صدقها، وأعرف كذلك ما لدى غيري وأحتفظ برأيي فيه، وليس فيما أقوله جديد، بل شأني هذا شأن كلّ مسلم.بيد أنّي - وأنا أتابع مسالك النّاس - لم احترم قطّ أشخاصًا أحبّوا أن يفرضوا أنفسهم على الدّين، وليسوا من الله في كثير ولا قليل.قديمًا رأى ”مسيلمة” أن يكون شيئًا! فما وضع فلسفة كأرسطو، ولا اخترع جهازًا كأديسون، بل زعم أنّه نبيّ يوحَى إليه، وظنّ المغفّل أنّه يدرك المجد بهذا الدّجَل، فلم يدرك إلّا القاع، وبقي اسمه إلى الأبد رمزًا للكذب.وتتابع الكذّابون في عصور مضت، فإذا أناس لا أثر لهم في ميادين الفلسفة ولا أثر لهم في مجالات العلم، ولا ثقة بعقولهم في شيء طائل يقتحمون ميدان الدّين، ثمّ يزعم هذا أنّه نبيّ بعد محمّد! ويزعم ذاك أنّ الله قد حلّ فيه، وأنّه مجلى لبهائه!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات