أفادت الخبيرة الدستورية، فتيحة بن عبو، أن تأجيل الانتخابات الرئاسية، لا يُمكن أن يتم إلا عبر طريقتين: الأولى "دستورية"، من خلال تعديل الدستور والتمديد في العهدة الرئاسية أو إضافة مادة تسمح بالتأجيل. والثانية "لا دستورية"، عبر تعطيل الدستور والمرور إلى شرعيات أخرى سياسية وأمنية تتيح تسيير مرحلة انتقالية.وفصّلت فتيحة بن عبو، خلال نزولها في منتدى جريدة " ليبيرتي" الناطقة باللغة الفرنسية، "في الحالات التي يمكن فيها تعديل الدستور، في خضم الحديث المتكرر في الساحة السياسية عن إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية. وأبرزت بوضوح أن الدستور الحالي بعد تعديله في سنة 2016، لا يسمح بتأجيل الانتخابات إلا في حالة واحدة، هي الحرب، وفق المادة 110 التي تنص كالتالي: "يُوقَف العمل بالدّستور مدّة حالة الحرب ويتولّى رئيس الجمهوريّة جميع السّلطات. وإذا انتهت المدّة الرّئاسيّة لرئيس الجمهوريّة تمدّد وجوبا إلى غاية نهاية الحرب".وأوضحت، أن الدستور الحالي يتيح فقط التمديد في عهدة البرلمان، وفق ما تنص عليه المادة 119، التي تشير إلى أنه "لا يمكن تمديد عهدة البرلمان إلاّ في ظروف خطيرة جدّا لا تسمح بإجراء انتخابات عاديّة"، بينما لا يوجد تماما ما يسمح للرئيس بتمديد عهدته الرئاسية حتى في "الظروف الاستثنائية" التي يتحدث عنها الدستور في مواده.لذلك، لا يوجد في يد الرئاسة، حسب بن عبو، من حلّ لتأجيل الانتخابات عبر الطريقة الدستورية، إذا صدقت الروايات بوجود نية للتأجيل، إلا الذهاب إلى تعديل دستوري. وفي هذه الحالة، فصّلت الخبيرة الدستورية في الطرق المتاحة، وهي إما أن يتم تعديل المادة التي تتحدث عن مدة العهدة الرئاسية ونقلها من 5 سنوات إلى 6 أو 7 سنوات، وإما أن تضاف مادة دستورية، يتاح فيها للرئيس صلاحية تمديد عهدته الرئاسية في الظروف الاستثنائية، كما هو الشأن بالنسبة للبرلمان.لكن الإشكال المطروح، وفق تحليل بن عبو، أن تعديل المادة الخاصة بمدة العهدة الرئاسية، يترتب عنه مساس بتوازن السلطات في الدستور، لأنه يعطي سلطات إضافية إلى رئيس الجمهورية على حساب باقي السلطات، وهو ما يوجب حسب المادة 210 عرضه على الاستفتاء الشعبي، اعتبارا من أن الشعب في هذه الحالة صاحب السلطة التأسيسية، وليس تمريره فقط عبر تصويت البرلمان المجتمع بغرفتيه مثلما جرى في التعديلات السابقة في 2008 و2016.وتشير أستاذة القانون الدستوري، إلى أنه يمكن اللجوء إلى الطريقة "اللادستورية" من أجل تأجيل الانتخابات، وذلك عبر إقرار وقف العمل بالدستور، ووضع سلطات "أمر واقع" محل السلطات الدستورية، كما حدث مع المجلس الأعلى للدولة في سنة 1992 بعد إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية ثم الذهاب إلى ندوة الوفاق الوطني سنة 1994 التي أفضت إلى الانتخابات الرئاسية سنة 1995 ثم الانتخابات البرلمانية سنة 1997. وأبرز بن عبو أن هذا الخيار غير مستبعد حاليا، في ظل دعوات أحزاب في السلطة، على غرار تجمع أمل الجزائر، إلى عقد هذه الندوة الوطنية. وتابعت بأن هذا الحل تم تفعيله في دول أخرى، لكن التساؤل في الجزائر، في حال تعطل العمل بالدستور، هو في ما إذا كانت هناك إرادة فعلية في استغلال هذه المرحلة للقيام بالإصلاحات اللازمة للعودة إلى الحالة الدستورية الطبيعية بعد أن تتحقق دولة القانون.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات