أمر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الذي ستنتهي عهدته في أفريل 2019، بالتحضير لـ"ندوة الإجماع الوطني" تشارط فيها الطبقة السياسية، موالاة ومعارضة، تكون تمهيدا لإعلان إصلاحات سياسية. كما يوجد شبه تأكيد رسمي على تعديل الدستور عـبر جمع غرفتي البرلمان وإدراج مادة تسمح بتأجيل الرئاسيات.طغى على اجتماع زرالدة، المنعـقد الأربعاء الماضي 18 ديسمبر، طابع "الحسم" لطي ورقة الرئاسيات، بالنظر إلى نوعية الشخصيات الحاضرة. فقد اجتمع الرئيس بوتفليقة بكل من رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، معاذ بوشارب، والوزير الأول أحمد أويحيى، ونائب وزير الدفاع قائد أركان الجيش، ڤايد صالح، ووزراء الخارجية (مساهل) والداخلية (بدوي) والعدل (لوح)، بالإضافة إلى رئيس تجمع أمل الجزائر عمار غول، ورئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس، بصفتهما طرفين في التحالف الرئاسي.وتقرّر بأمر من الرئيس بوتفليقة التحضير إلى ندوة وطنية يكون هدفها تحقيق "الإجماع الوطني" حول التحديات التي تمر بها الجزائر، فيما تدرس وتبحث الرهانات في مجالات الأمن والاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام والأوضاع الاجتماعية وموقع الجزائر إقليميا ودوليا. وتهدف أيضا الندوة التي دعا إليها بوتفليقة إلى السعي إلى تحصين الجزائر من كل المخاطر والتحديات وتحقيق إجماع وطني حول مشروع بناء الجزائر الجديدة ومؤسسات قوية وعصرية تواكب التطورات، فضلا على وضع تصوّر جديد لحلحلة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.وسيكون الإعلان عن تاريخ الندوة ومكان انعقادها، من طرف الرئيس بوتفليقة، إمّا عن طريق بيان من رئاسة الجمهورية، يشرح فيه أسباب ودوافع الندوة الوطنية، ويدعو خلالها كافة الأحزاب السياسية من موالاة ومعارضة، وفعاليات في المجتمع المدني، إلى المشاركة فيها بقوة، أو من خلال رسالة خاصة توجه إلى الجميع تتضمن أيضا تفاصيل الندوة وأبعادها.كما توجه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتعليمات إلى التجنّد لتعديل الدستور، عبر إدراج مادة تسمح بتأجيل الرئاسيات بحسب متطلبات الوضع الحالي، خصوصا مع وجود قرار بضرورة عقد ندوة وطنية تحقق الإجماع الوطني. وتم اللجوء إلى خيار تعديل الدستور، في ظل الكلام الذي يدور من قبل أطراف تتحدّث عن نية انتهاك السلطة الحاكمة للدستور، بلجوئها إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية المُقرّرة في أفريل 2019، من دون الاستناد إلى حكم دستوري.وسيباشر مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني، فور تلقيهما الضوء الأخضر، تحضير أعضاء الغرفة الأولى ونواب الغرفة الثانية، من أجل جمع الغرفتين في قصر الأمم بنادي الصنوبر لتمرير التعديل، مثلما حدث مع التعديلات التي أدخلت على الدستور في 2016، وذلك من دون اللجوء طبعا إلى الاستفتاء الشعبي، نظرا لضيق الوقت وتطلب الاستفتاء تجنيد موارد بشرية ومادية هائلة.وتضاربت الأخبار منذ فترة طويلة بشأن احتمال ترشح الرئيس إلى عهدة خامسة، التي كانت شبه أكيدة، خصوصا لما تبنت الفكرة أحزاب الموالاة، لكن اختلفت اللهجة والوضع بدرجة كبيرة، وأخذت الموالاة التي تشكلت في تحالف رئاسي، تتحدث عن الاستمرارية التي رآها البعض استمرار بوتفليقة أو تقديم شخصية من محيطه ومحسوبة عليه، لتنتهي الحكاية إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية وعقد ندوة وطنية وتعديل الدستور، مع أن هذا الخيار يبقى مؤقتا إلى غاية أن يثبت العكس، خصوصا وأن موعد استدعاء الرئيس بوتفليقة للهيئة الناخبة لا يفصلنا عنه سوى أيام قليلة.وتشبه الندوة التي أمر الرئيس بوتفليقة بالتحضير إلى انعقادها إلى حد ما، المبادرة التي تقدّم بها حزب تجمع أمل الجزائر، بهدف "فتح الباب واسعا أمام الطبقة السياسية بمختلف مشاربها، للالتفاف حول حوار مسؤول وشفاف بين كل الأطراف والحساسيات، فيما يكون أساس الإجماع الوصول إلى طي الخلافات والنزاعات والتراشق والتجريح والتشهير والتهميش والإقصاء".واستمرارية الرئيس بوتفليقة في الحكم، إما بعهدة خامسة أو تمديد العهدة الحالية لفترة محددة، تحولت إلى حقيقة في مؤتمر"تاج" يوم 15 ديسمبر، بل كانت هذه المحطة تمهيدا رسميا لـ"الاستمرارية"، التي اختار لها غول غلاف مبادرة "الندوة الوطنية للإجماع الوطني"، وحتى التحالف الرئاسي كان قد أشار إلى "الاستمرارية" كحقيقة وخيار حاسم، وورد ذلك في الرسالة التي تلاها منسق هيئة تسيير الأفالان، معاذ بوشارب، موضحا: "جسدنا عمليا تعاوننا المثمر في تطبيق برنامج رئيس الجمهورية، كما أعلنا معا عن قناعتنا الراسخة وإرادتنا القوية في تعزيز هذه الشراكة السياسية، من أجل مستقبل زاهر لبلادنا، من خلال مواصلة تطبيق برنامج الرئيس". والأكيد أن بوشارب لا يقصد مواصلة التطبيق في الأربعة الأشهر باقية من عمر العهدة الرابعة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات