لم يبق من ذلك المكان الوقور الذي كان يجلس فيه محمد شراق على يمين مدخل القسم السياسي في جريدة "الخبر" سوى كرسيه وبطاقته الصحفية التي تشهد على رسوخه في المهنة. تزدحم في هذا المكان الذي قضى فيه محمد نصف عمره مُنْكبّا على لوحة الكتابة ذكريات فرح وحزن، تشهد كلها على أن الرجل كان ذا معدن أصيل.
كان محمد آخر من يغادر قاعة التحرير وقد حبك المواضيع التي أرسلها إلى رئاسة التحرير ببصمته الصحفية التي أضحت مع الوقت علامة مسجلة باسمه. يجيد "رزقي"، كما يحلو لمقربيه مناداته، مراقصة العناوين التي تتحول على يديه إلى "صنارة" تصطاد القارئ حتى وإن لم يكن الموضوع داخلا في اهتماماته، تماما مثلما يمتلك تلك الملكة الصحفية التي لم يُؤتَها إلا القليل في كتابة مداخل المواضيع وتزيينها بأسلوبه الوصفي الجميل. يرسم محمد للموضوع الصحفي الذي عادة ما يكون جافا ومتخما بالمعلومات مساحات للتنفس والخيال، تعين القارئ على الاسترسال في القراءة والتمتع بها. لذلك انطبعت بنَفَسه الصحفي كل مواضيع القسم السياسي التي كان يعمل عليها بجد وتفان لإخراجها في أحسن صورة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات