عندما يقول المتهم الرئيسي في قضية الطريق السيّار إنه ذهب ضحية الصراع بين “الدياراس” والرئاسة.. لا أحد يعتبر هذا الكلام مسألة أهم من السرقة نفسها التي يحاكم بسببها هؤلاءǃفالقول بأن الصراع بين الـD.R.S والرئاسة وصل إلى حد تلفيق التهم للناس هكذا.. أو وصل إلى حد أن المؤسستين أصبحتا تتصارعان بملفات الفساد، وتقدم رجال المؤسستين قرابين في هذا الصراع، مثل هذا الكلام يحمل خطورة كبيرة تتجاوز خطورة السرقة نفسهاǃ ومع ذلك لا يتحرك البرلمان لفتح تحقيق في هذه المزاعم أو معاقبة القائل عما قال بعقوبة أشد من تهمة السرقة نفسها، إذا كان كاذبا فيما ادعاهǃالسلطة في الجزائر، وعلى رأسها العدالة، فقدت خاصية التمييز بين الجرائم المهمة والجرائم الأهم.. فماذا يساوي اختلاس مئات الملايين من الدولارات في الطريق السيّار، أمام اعتراف المتهمين بأنهم ضحايا لصراعات بين الـ(D.R.S) والرئاسة.لا تقولوا لنا بأن ما قاله شاني للقاضي هو هراء، فلو كان ما قاله هذا المتهم بثقة فيما يقول غير صحيح البتة، فماذا يفعل الكولونيل خالد في هذه المحاكمة؟ǃ هل كان وجوده في ملفات صفقات الطريق السيّار عبارة عن محاربة الإرهاب في هذه الملفات؟ǃ أم كان يراقب السرّاق المحتملين في الصفقات؟ǃ ولماذا لم تسند مهمة مكافحة الفساد في الصفقات إلى العدالة أو البرلمان أو الشرطة وأسندت لـ(D.R.R)؟ǃشاني يقول: إن (D.R.S) فعلت به الأفاعيل عند الاستنطاق، لأنه محسوب على الرئاسة مثل الوزير غول الذي تعامل معهǃ ولو لم يكن كلام شاني صحيحا، لما تمّ تغيير غول من الأشغال العمومية إلى النقل فقطǃلهذا فإن محاكمة الطريق السيّار هي محاكمة لفساد العلاقات بين مؤسسات الدولة في عصبها الحساس وهو (D.R.S) وفي مخها القيادي وهو الرئاسة، والمطلوب ليس السكوت عما قاله المتهم في هذا الأمر، بل المطلوب هو إصلاح هذا الوضع الذي جعل مؤسسات الدولة الحساسة تقيم الحروب بينها.. وموضوع هذه الحروب النفوذية هي ملفات الفساد النتنة التي ما كانت لتُعرف لو لم يختلف السرّاق حول تقاسم ما سرقوا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات