38serv
يناقش المجلس الشعبي الوطني، اليوم، في جلسة مفتوحة، “مشروع قانون يتعلق بالأنشطة وسوق الكتاب” الذي تم اقتراحه من قبل وزيرة الثقافة السابقة، خليدة تومي، أكتوبر سنة 2013، ليعرض بعد عامين من الأخذ والرد، حيث انتقد مهنيون وأكاديميون الطابع الاحتكاري والرقابي للنص المعد من طرف وزارة الثقافة، وهو ما جعل المجلس الشعبي الوطني يوجه دعوة لمختصين لإثراء النص، حيث تم تقديم حوالي 40 تعديلا. استغلت “الخبر” انعقاد الملتقى الوطني الخامس حول “المكتبات وصناعة الكتاب: التحولات والوساطة”، من طرف “مخبر بحث في أنظمة المعلومات والأرشيف في الجزائر”، قسم “علم المكتبات” جامعة وهران 1، وفتحت النقاش مع أساتذة وأكاديميين حول المشروع والنقائص والثغرات والمميزات أيضا. يعرض اليوم “مشروع قانون يتعلق بالأنشطة وسوق الكتاب” الذي اقترحته وزارة الثقافة سنة 2013، وضم 62 مادة قانونية تنظم سوق الكتاب من نشر واستيراد وتوزيع أيضا، حيث سجل المشروع وقت عرضه عديد ردود الفعل الرافضة والمنتقدة له، ما اضطر المجلس الشعبي الوطني لتأجيل مناقشته وتجميده، خاصة أنه تزامن مع النقاش الحاد حول قانون الإعلام. يعرض القانون، اليوم، على نواب المجلس الشعبي الوطني لمناقشته. وحسب مصادر “الخبر”، فقد قام المختصون بإحداث ثورة في مواده وإدراج حوالي 40 تعديلا على مشروع القانون، لمنحه قدرا من الليونة، بما يستجيب مع تطلعات المهنيين ومحترفي النشر، وأيضا مراجعة المواد التي أثارت سخطا من قبل الناشرين وحتى الكتاب والمبدعين، حيث رأوه نوعا من الرقابة على الإبداع وحرية التعبير في قطاع النشر. لكن، بالمقابل، رحب الكثيرون بمشروع القانون من باب أنه سيضع حدا للفوضى السائدة في السوق التي تستدعي وجود قوانين ضابطة وتحد من احتكار لوبيات الاستيراد وبعض الناشرين للسوق، على حساب التأسيس لصناعة الكتاب في الجزائر. وقد سجل مشروع القانون، في صيغته الأولى، مجموعة من الانتقادات تطرق لها الأساتذة الذين تحدثت إليهم “الخبر”.القانون يواجه مقاومة إيديولوجية وتجاريةأكد الدكتور عبد الإله عبد القادر، رئيس “مخبر بحث في أنظمة المعلومات والأرشيف في الجزائر” بجامعة وهران 1، ورئيس الملتقى الوطني الخامس “المكتبات وصناعة الكتاب: التحولات والوساطة”، أن الانتقادات الموجهة لمشروع قانون الكتاب تحمل مستويات إيديولوجية حول محتوى الكتاب، وتجارية من خلال لوبيات الاستيراد. واعتبر بأن الانتقادات المؤسسة لمشروع قانون الكتاب من طرف الناشرين والجامعيين والمحترفين، لا يجب أن تحجب الجوانب الإيجابية للقانون، كوضع حد للفوضى السائدة في القطاع، لحساب بعض المتحكمين في سوق استيراد الكتاب من الخارج. وأسرّ المتحدث بأن المؤسسات الرسمية تفتقد لحد الساعة، لأرقام مضبوطة ومحيّنة حول السوق الوطني للكتاب، باستثناء دراسة منجزة لصالح شركات فرنسية، تعود لنهاية سنوات التسعينيات، ليست في متناول الجميع. وتأسف المتحدث، من جهة أخرى، لكون مراكز البحث الجامعية ليس لديها الحق في تصفح إحصاءات الكتب المستوردة المتوفرة لدى مصالح الجمارك، من أجل القيام بدراسات حول سوق الكتاب. وحمّل، في هذا السياق، مسؤولية إهمال هذه الإحصاءات للهيئات المعنية على مستوى وزارة الثقافة، وقال إن هذه الضبابية حول الأرقام تخدم لوبيات استيراد الكتاب والمشاركين في صفقات شراء الكتب والمراجع لصالح مكتبات وطنية ومكتبات جامعية بمئات الملايير سنويا. وتطرق الدكتور عبد الإله إلى انعكاسات استيراد الكتاب من بلدان أجنبية كالصين بأثمان بخسة على قطاع طباعة الكتاب في الجزائر، واندثار مهن وحرف الطباعة، وهو ما تحاول السلطات العمومية استدراكه من خلال مشروع القانون بمراقبة واردات الكتب.المشروع حمل خلطا في المفاهيم ويغلب عليه الطابع العقابياعتبرت الدكتورة زهرة بوفيجلين من جامعة الجزائر 2، بصفتها شاركت في مناقشة مشروع القانون بدعوة من البرلمان، أن انفراد وزارة الثقافة في الصياغة، جعلها تقع في أخطاء لا تعد ولا تحصى، من قبيل الخلط في تحديد المفاهيم، طغيان المواد العقابية على قانون حول الإبداع، وإحكام سيطرة السياسي على قطاع الكتاب. وأوضحت الدكتورة أن المجلس الشعبي الوطني وجه لها دعوة في نوفمبر الماضي رفقة خمسة مختصين في علم المكتبات، من أجل فتح نقاش حول مشروع قانون الكتاب، وتقديم ملاحظات حول النص قبل المصادقة عليه. ومن جملة المقترحات التي قدمها فريق المختصين، إعادة تحديد عدة مفاهيم جاءت في مشروع القانون. وأعابت المتحدثة على النص المقترح، طغيان المواد العقابية، من خلال احتواء المشروع على 14 مادة عقابية. تترجم هذه المواد النزعة التسلطية لمعدي مشروع القانون وإرادة لإحكام قبضة السياسي والإداري على قطاع الكتاب والثقافة، وهي الخلاصة نفسها التي توصل إليها الناشرون. كما لم تخف المتحدثة استغرابها عدم تضمين مشروع القانون مادة حول الإيداع القانوني للكتب، ودور المكتبة الوطنية في هذا المجال، مع إدراج عقوبات أكثر صرامة ضد كل ناشر يصدر كتابا دون المرور على الإيداع القانوني الذي يعتبر إحدى الصلاحيات السيادية للدول، وأشارت إلى أن افتقاد الجزائر لبيبليوغرافيا وطنية محددة مرده عدم احترام الناشرين للإيداع القانوني. المشروع يحمل مخاطر قمع الحريات ومصادرة الملكية الفرديةاستخلص الأستاذ نيمور عبد القادر من جامعة وهران 1، من خلال دراسة استطلاعية حول نص مشروع قانون الكتاب، ومن خلال انتقادات النقابة الوطنية لناشري الكتاب، أن النص في مواده الـ62 يرجح كفة الإشراف البيروقراطي، من خلال إقرار ضرورة الحصول على تصريح من الوزارة في كل عمل ذي صلة بنشر الكتاب. كما لا يعترف نص مشروع القانون بمختلف الأطراف الفاعلة في مجال صناعة الكتاب، وهيمنة الدولة على القطاع من خلال التقنين، وهو ما يكرس الاعتقاد بأن النص هو مشروع سلطة محرر من طرف إداريين لا علاقة لهم بالكتاب وليس مشروع مجتمع.وأثار الأستاذ نيمور نقطة إقصاء الناشرين من عضوية المركز الوطني للكتاب، دون مبرر مقنع. كما يخشى الناشرون أن يفضي القانون، في النهاية، إلى مصادرة الحريات الفردية، وقمع الحق في الملكية، والقضاء على كل الآمال في إقامة استثمارات ثقافية، والتأسيس لصناعة وطنية للكتاب، واقترحوا إعادة صياغة مواد نص القانون، الاكتفاء بأحكام القانون التجاري لتسيير القطاع وتحقيق العدل في توزيع الدعم المالي على الناشرين. وأقرّ الأستاذ نيمور، في الأخير، بأهمية إصدار قانون حول الكتاب، لوضع حد للفوضى في سوق الكتاب المدرسي، على سبيل المثال، الذي يعرف تسجيل عدة أخطاء في الكتب الرسمية المقررة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات