مباشرة عقب الدعوة لمنع الحفلات الفنية والتشويش على مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، جاءت، أمس، دعوة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو لإزالة تمثال عين الفوارة. صحيح أن الدعوة لم تجد من يستجيب لها وبقيت مجرد مطالب على مستوى العالم الافتراضي على صفحة مجهولة، لكن حجم التفاعل معها كان كبيرا، إلى درجة توحي بأن الأصوات الرافضة للفعل الثقافي والداعية لمنع الفن أضحت موجودة فعلا. وفيما حذر البعض من عودة "التطرف"، شدد برلمانيون على ضرورة تجنب الخلط واعتبار أن المطالب الثقافية تكتسي مشروعيتها وأهميتها القصوى، تماما مثلما تكتسيه المطالب الاجتماعية الأخرى، لذلك لا يمكن الدعوة إلى منع الفعل الثقافي والفني بدعوى التنمية، من منطلق أن الثقافة تعتبر تنمية في حد ذاتها.
دعوات للاحتجاج على ترميم معلم عين الفوارة ومطالب بإزالتهراح العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يطرحون فكرة إدخال المعلم الأثري إلى المتحف أو إزالته بشكل كلي، في وقت دعا البعض إلى وقفات احتجاجية أمام مقر ولاية سطيف للمطالبة بنزع التمثال واستبداله برمز آخر للشهداء ومجازر 8 ماي الخالدة. ورغم أن وزير الثقافة، في تصريح له أثناء تدشين المعلم بعد ترميمه، أكد أن المعلم الأثري عين الفوارة ''باق في مكانه ولن ينقل إلى المتحف أو أي مكان آخر وسيظل يواكب التطور التنموي الذي تشهده المدينة ويجاور الترامواي الذي يمر بجانبه ليزيد من قيمته التاريخية والثقافية"، واعتبر أن عملية رفع الستار عن المعلم الأثري عين الفوارة بعد سبعة أشهر من الترميم الدقيق والتي تمت بحضور جمع غفير، تعد ''كسبا لرهان إبقاء التمثال المرتبط بتاريخ وثقافة المدينة في موقعه الأصلي وإصرار أبناء المدينة على إبقائه في موقعه وجعل عين الفوارة ملتقى كل الناس بسطيف''، إلا أن رواد التواصل الاجتماعي وجهوا دعوة عبر بعض الصفحات المجهولة إلى الحضور صبيحة أول أمس الإثنين أمام مقر الولاية للتجمع والاحتجاج على التمثال الذي شوه، حسبهم، صورة المدينة، زيادة على التكاليف الباهظة لترميمه، حسب ما تداولته هذه الصفحات، رغم تصريح الوزير بأن ثمن الترميم رمزي فقط، يشمل مواد البناء."الخبر" تنقلت إلى مقر الولاية صباحا ولم تلاحظ أي تجمع حتى ولو كان بسيطا للمطالبة بنزع تمثال عين الفوارة، ما يدل على أن هذه الصفحات غايتها زرع البلبلة فقط، في مقابل وجود صفحات أخرى على مواقع "الفايسبوك" تنادي بعدم الخوض في الموضوع بحكم أن التمثال وجد منذ عشرات السنين في المكان نفسه ولم يخلق أي حساسية كانت، مع اعتباره إرثا حضاريا من مخلفات الاستعمار الفرنسي وفقط، على غرار آلاف التحف والتماثيل المنتشرة في كل مكان.وللوقوف على حقيقة هذه الدعوات تنقلنا إلى ساحة عين الفوارة، حيث لاحظنا إقبالا كبيرا من طرف زوار المدينة، وعادت المياه لتتدفق من جديد عبر عيونها الأربعة، زيادة على عودة بعض الباعة المختصين في بيع التحف الأثرية الخاصة بالتمثال لبيع منتجاتهم أمام عيونها، رفقة مصورين يحملون عدساتهم التي تعوّدوا عليها منذ عشرات السنين لأخذ صور.من جهة أخرى، وخوفا من أي اعتداء آخر على تمثال عين الفوارة، فإن التواجد الأمني لمختلف العناصر بات ديكورا يوميا يلازم المكان، زيادة على الكاميرات المنصبة في كل مكان يحيط بالتمثال، خاصة أن فكرة عزل التمثال عن السياح كانت مطروحة في بداية الأمر عبر استحداث سياج دائري، غير أن هذه الفكرة تم استبعادها وترك المجال أمام الجميع للظفر بصور أمام التمثال، فيما أكدت مصادر مطلعة أن مصالح الأمن تراقب عن كثب كل ما يدور على صفحات التواصل الاجتماعي التي تدعو إلى نزع التمثال أو استبداله خوفا من عملية اعتداء جديدة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات