ابن الشهيد الذي نفض الغبار عن والده

38serv

+ -

في الوقت الذي كان كاتب الدولة الفرنسي لشؤون قدامى المحاربين والذاكرة، جان مارك تودتشيني، في زيارة إلى مدينة سطيف، كان تلاميذ مدرسة ابتدائية في وهران يستذكرون ما فعله أولئك الفرنسيون بالشهيد الذي تحمل مدرستهم اسمه “ساهل أحمد” مع ابنه جمال الذي لم يعرف والده ووالدته اللذين استشهدا في ميدان الشرف؛ الوالد في وهران والوالدةفي الجبل في الونشريس بولاية الشلف.تذكّر تلاميذ مدرسة ساهل أحمد مع السيد جمال جرائم الاستعمار الفرنسي، في مدرستهم التي تحمل اسم والده الشهيد، والتي لا تبعد كثيرا عن بيت أرملة الشهيد زيتوني المرحومة والدة الطيب زيتوني، وزير المجاهدين في حي ابن رشد بوهران. وهو الوزير الجزائري ابن الشهيد الذي كان يرافق كاتب الدولة الفرنسي لشؤون قدامى المحاربين في تنقله إلى سطيف، التي قال فيها ممثل الحكومة الفرنسية إن بلاده فرنسا “فقدت قيمتها في مجازر 8 ماي 1945”. وكعادة الرسميين الفرنسيين تحاشى التعليق عن المجازر الأخرى التي ارتكبها الجيش الفرنسي من 1945 إلى 1962.

صيانة الذاكرة.. المهملةاستمع تلاميذ مدرسة ساهل أحمد باهتمام إلى ابن الشهيد جمال، وطرحوا عليه الكثير من الأسئلة، وكأنهم يريدون أن يقولوا إنهم لن ينسوا ما فعلته فرنسا في الجزائر، ولو أنهم ولدوا نصف قرن بعد استقلال بلادهم، لأن شواهد كثيرة ستدل عليها إلى الأبد، ومنها مدرستهم، التي استقبل تلاميذها ابن الشهيد الذي تحمل مؤسستهم التربوية اسمه، ليروي لهم ملحمة والديه الشهيدين. ومثلها كثير في كل المدن والقرى الجزائرية.لا يعرف الأغلبية الساحقة من التلاميذ الجزائريين من الشهداء الذين تحمل مؤسساتهم التعليمية أسماءهم إلا “الاسم”، إذا استثنينا الأبطال الكبار للثورة التحريرية والمقاومة الوطنية التي تتضمن المقررات الدراسية نبذا عن حياتهم. والعيب ليس في التلاميذ ولا في إدارات مؤسساتهم أو معلميهم وأساتذتهم، ولكن في المنظومة التربوية، وذلك نقاش آخر.وفي المدرسة الابتدائية ساهل أحمد لم يكن أحد يعرف شيئا كثيرا عن هذا الشهيد، سوى أنه ضحى بحياته من أجل الجزائر، وأنه توفي في حي “بلانتور”، وكذا تاريخ استشهاده، كما يدل على ذلك المقرر الرسمي لتسمية المدرسة منذ أن فتحت أبوابها للتلاميذ في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. والغريب أيضا أنه حتى أهل الشهيد لم يكونوا يعلمون أن هناك مدرسة في وهران تحمل اسم ساهل أحمد، إلى أن تقدم شخص خلال السنة الدراسية الجارية إلى مديرة المؤسسة، شالي نادية، وطلب منها الدخول إلى المدرسة لزيارتها، وكشف أن الذي تسمى المدرسة باسمه هو والده. وبقي على اتصال بالمديرة التي طلبت منه أن يعطيها صورة والده الشهيد، ليعرفه التلاميذ وأولياؤهم. وهو ما تمّ، ثم اقترحت عليه المديرة استضافته ليكرمه التلاميذ ويحكي لهم عن والده. فوافق جمال ساهل دون تردد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات