38serv
أعتقد أن نقد المعارضة للنظام لم يتحقق المفعول المنتظر منه، رغم الدلائل والإثباتات على عجزه وفشله وفساده، ولذلك على المعارضة أن تغير تفكيرها وأساليب عملها، باتجاه نقد الشارع والإثبات له بالدليل القاطع أنه المسؤول الأول عن تردي الأوضاع، وسيكون أيضا المسؤول الأول عن نتائج المخاطر التي تحيق بالبلد إن لم يغير سياسته في التعامل مع هذا النظام.حتى اليوم يعتبر الشارع نفسه غير مسؤول عما يحدث في البلد، ويفضل موقف المتفرج والمنتظر لما ستؤول إليه الأوضاع. وخلال السنوات العشر الماضية، ضاعت من خزانته العمومية أموال طائلة ووقت ضائع من تنمية البلد، وازداد وضعه المعيشي تردّيا، وتفاقمت مشاكله اليومية.. وأكثر من ذلك لم يعد هناك مجال كبير للأمل في تغيير أحواله في الأفق المنظور.قد يقول البعض إن الشارع غير معني بالسياسة، وهو مثل هذا النظام لن يأخذ أي نقد له بعين الاعتبار.. وسيقول البعض إن التوجه للشارع له مخاطر من الممكن عدم التحكم فيها، لأن الشارع لم تتم تربيته على الاحتجاج السلمي، بل ذهب البعض في كتاباتهم إلى اعتبار النظام والشعب متواطئان على بقاء الوضع على ما هو عليه..والحقيقة أن غليان الناس واحتجاجهم على وضعهم يزداد بوتيرة مطردة، وهم شاعرون ربما أكثر من بعض الأحزاب التي تدعي المعارضة بالمخاطر والمشاكل التي تحاصر مستقبلهم، لكن هذا الغليان لا يجد منظما يؤطره ويجعله مجديا ويحقق هدفه من تغيير الوضع. هنا يبرز دور هذه الأحزاب التي تملك بالدليل القاطع استغناء هذا النظام عن خدمات شعبه والتكفل فقط بحاجات فاسديه وفاشليه.إن وضع خارطة طريق للعصيان المدني أصبح ضروريا، وسيكون أول بند له نقل الخوف إلى صفوف النظام، بدل بقائه في صفوف الشعب، وذلك بمقاطعة كل منتجات هذا النظام، بممثليه ومشاريعه ووسائل اتصاله وتواصله، وخاصة إحداث قطيعة مع خطابه السياسي المخادع والتهريجي. إن المعارضة مضطرة الآن لقطع الطريق على كذبه المستمر على الشعب بإنجازات وهمية، واستقرار الوضع، وأن الجزائر “قوة إقليمية”، وما إلى ذلك من التهريج والخداع..إن حربا إعلامية على الفاسدين أصبحت ضرورية، وعلى المعارضة أن ترفع لافتات بأسماء موظفي الدولة الذين لهم حسابات بنكية في الخارج، للحد على الأقل من غرورهم وكذبهم على الناس، وعليها أن تبدأ إعداد ملفات المرتشين والملونين من أموال الشعب، وعليها أن تعلم هذا الشعب كيف يرفع لافتات بأسماء الكاذبين عليه، وعليها أن تجد تحالفا مع النقابات وجمعيات المجتمع المدني لفضح مخربي مؤسسات وشركات القطاع العام لبيعها بالدينار الرمزي.. أي أن عليها تجنيد كل الأفكار التي تضع هذا النظام في وضع حرج ومخجل، والتأثير على معنويات ممثليه، والزج بهم في أقفاص الخوف، مثلما نقل الجيش الوطني الشعبي الرعب من صفوف الشعب إلى صفوف الإرهابيين ذات يوم فانتصر عليهم. إن الشعب قادر على الاحتجاج بطرق مختلفة إذا تأكد أنها مجدية وتحقق هدفه من فك الحصار عليه. وعلى المعارضة أن تستغل الفرصة وتجد أكثر الطرق سلمية لنقل ذلك الحصار إلى رقبة النظام. تقول تجارب الشعوب إن أعتى الديكتاتوريات يمكن أن تسقط أيضا بتسديد أزهار القرنفل في وجهها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات