38serv
افتتح الفنان التشكيلي الجزائري الهاشمي بومهدي، أول أمس، معرضا كبيرا لأعماله الفنية بفندق “السوفيتال” في العاصمة، يضم مجموعة قيمة من المنحوتات والأعمال الفنية الخزفية التي أنتجتها عائلة بومهدي لمدة عشرين يوما، وهو فضاء مفتوح أيضا أمام الجمهور لشرائها.عبر أعمال خزفية تتميز بالألون البهية، سافر ضيوف معرض الفنان الشهير الهاشمي بومهدي عبر التراث وتاريخ العادات الجزائرية التي لخصتها أعمال بومهدي في جلسات النساء الجزائريات في الأرياف حول المنسج، موائد الطعام، والأطباق الفخارية زاهية الألوان، وذلك عبر حوالي 40 عملا مميزا يزين بهو الفندق في العاصمة.اختار الفنان الهاشمي بومهدي، رفقه إخوته وعائلته، السير على خطى والدهم الفنان القدير الراحل محمد بومهدي الذي يعتبر واحدا من أهم الفنانين التشكيليين الجزائريين، ومرجعا لكل الخزفيين الجزائريين. وعكس المعرض تمازج الأعمال والروح الفنية بين الوالد والابن الذي قرر تكريمه اليوم وكل يوم، عبر الإخلاص والوفاء للفن الذي توارثته العائلة أبا عن جد.بدأت رحلة عائلة بومهدي مع فن الرسم على الخزف سنة 1946، عندما اشتغل الوالد بمصنع البرواڤية للخزف، الذي كان يملكه السيدان هومورت ورينو، بعد أن اكتشفه المهندس الفرنسي فرناند بويون الذي ساعده على افتتاح ورشة خاصة به. بعدها بسنة خرجت أولى أعماله للنور، لكن المصنع لم يلبث أن أغلق سنة 1949 ليحال بومهدي على البطالة، بعدها انتقل إلى فرنسا، حيث زاول تكوينا هناك، وبالموازاة مع ذلك، كان يعمل بالبريد. عاد الوالد بعدها إلى البليدة غداة اشتداد معركة الجزائر، لينتقل إلى العاصمة ويعمل بالبريد المركزي، حيث كان في النهار عاملا بالبريد، وفي الليل خزفيا، وهذا حتى سنة 1963. بعد الاستقلال، وبالضبط سنة 1965، عين أستاذا بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر، وفي الوقت نفسه اشتغل مديرا للمركز الرائد للخزف، كما شارك في السنة نفسها في ترميم قصر الشعب، رفقة العديد من الفنانين مثل محمد راسم.الفنان التشكيلي الجزائري الهاشمي بومهدي لـ”الخبر”“الملكة إليزابيت، ميتران، جاك شيراك وكوفي عنان من أبرز زبائن العائلة”لماذا اخترت شعار “صبر وتراث”؟ المنحوتات الخزفية والأعمال الفنية التي تصنعها عائلة بومهدي تحتاج إلى الصبر، العمل الفني أساسه الصبر، وهو في الأصل رؤية من التراث، لهذا اخترت اليوم هذا الاسم. من جهة، تكريما لوالدي الذي تعب كثيرا من أجل الارتقاء بهذه الموهبة، ومن جهة أخرى تأكيدا مني على رغبتي في نقل المهنة إلى ابنتي التي تتعلم اليوم الفن والحرفة. يمكنني القول إن “مهنة عائلة بومهدي” هي نتيجة العزيمة والإرادة ولقاء التراث الجزائري الغني بالعادات والتقاليد. أسافر في المعرض اليوم مع الجمهور والزوار، إلى زمن عشته في الماضي، لهذا تلاحظ في المنحوتات “المائدة والمنسج”، كعوامل أساسية تجمع الذاكرة بالحاضر، فتلك الأدوات التي لم تعد موجودة كما في الماضي، هي طفولتي التي عشتها وهي الأسرة الجزائرية، حيث كان للمنسج دور هام في ربط علاقات الصداقة خصوصا بين النساء في القرى.هل يعني ذلك أن العائلة تنفذ وصية الجد؟ بالنسبة لعائلة بومهدي، فهي أمانة وأكثر من وصية، فقد كان والدي محمد بومهدي، رحمه الله، يحمل الفن رسالة وتضحية، وقد بدأ مسيرة الإبداع من الصفر، ومر بمراحل طويلة، قبل أن يصل إلى السمعة العالمية، فبين حياة الموظف العادية وحبه للفن عديد المحطات التي يطول شرحها. وقد سبق أن اهتمت الصحافة العالمية بما قدمه والدي من إبداع، وأكبر دليل على ذلك، تخصيص صحيفة “لوموند” سنة 2003 عددا كاملا عن مسيرته الفنية، واعتبرت ذلك “نموذجا إيجابيا حول الجزائر”، لهذا أشعر بأن مهنتي اليوم بمثابة قضية حقيقية.من هم أبرز زبائن عائلة بومهدي؟ سافرت أعمال العائلة عبر العالم في الولايات المتحدة، أوروبا والدول العربية وآسيا، وتقريبا يمكن القول إن أعمال الوالد أو أعمالي موجودة اليوم في جميع سفارات الجزائر عبر العالم، كما أن الدبلوماسيين الأجانب يحرصون على اقتناء أعمالنا كهدايا خلال سفرهم. تسلمنا عدة رسائل شكر من رؤساء دول كبرى وحتى من الأمم المتحدة من الأمين العام السابق كوفي عنان ومن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وفرانسوا ميتران وحتى ملكة بريطانيا العظمى إليزابيت تسلمت هدايا وتحفا تحمل توقيع عائلة بومهدي خلال زيارتها إلى الجزائر.لماذا نلحظ التركيز على اللون الأحمر والأزرق في أعمال بومهدي؟بين لون السماء الأزرق ولون البحر الأزرق هناك “أزرق بومهدي”، هكذا كتب أحد النقاد الفنيين يوما يصف أعمالنا. نعم، تتميز الأعمال التي ننتجها بالأزرق والقرمزي، وهذا اللون اعتمده الوالد أولا وتوارثناه في أعمالنا. لكن مع مرور الوقت، قمت باستحداث اللون الأحمر واعتماده مرادفا للأزرق في صناعة المنحوتات، في بداية الأمر والدي لم يحبذ الفكرة ورفضها بشدة، لكنه وافق بعد أن أكتشف التمازج الجميل الذي يعطيه الأزرق القرمزي مع الأحمر. لم أخترع اللون الأحمر وإنما أعدت إحياءه من التراث الجزائري الغني بالألوان، فالأحمر ارتبط بالثقافة الجزائرية، لهذا نجده في “الزربية” التي كان يصنعها سكان “جبل عمور” ونجده في النسيج الشاوي والقبائلي.الجزائر: حاوره محمد علال
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات