الشّيخ آيت سالم: لا بدّ من وضع حدٍّ لظاهرة النّوم في المساجد

+ -

أضحت ظاهرة النّوم في المساجد ملازمة لشهر رمضان الكريم، شهر الصّيام والقيام والذّكر وقراءة القرآن، فحَوَّل بعض النّاس بيوت الله سبحانه وتعالى من مكانتها الأصلية، وهي عبادته بمختلف الطّاعات، إلى مراقد للنّوم في مختلف الأوقات، حيث منهم مَن يَغط في نوم عميق، خاصة في الفترة الممتدة بين الظهيرة إلى غاية صلاة العصر.تختلف نظرة القاصد للمساجد في التّعامل مع هذه الظّاهرة من شخص لآخر، فالبعض يرى المنظر دون أن يبدي أيّ ردّ فعل، فيما آخرون يبدون امتعاضهم واعتراضهم على ظاهرة يرونها غير حضارية. وبين هذا وذاك، نحاول طرح ظاهرة النوم في المساجد من وجهة النّظر الشّرعية والرسمية.على الرّغم من أنّ الشّريعة الإسلامية تُجيز النّوم في المساجد، بدليل ما ثبت في الصّحيحين أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم سأل عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فأجابت السيّدة فاطمة رضي الله عنها إنّه في المسجد بسبب خلاف معها، وعندما ذهب إليه رسول الله وجده نائمًا في المسجد وعليه تراب، فقال له: ”قُم يا أبا تُراب”، أي إنّه صلّى الله عليه وسلّم لم ينكر عليه النّوم في المسجد وأجاز ذلك.وثبت في الصّحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنتُ أنام في المسجد وأنا شاب عزب. وثبت أنّ أصحاب الصُّفَّة كانوا ينامون في المسجد، وأنّ العرنيين كانوا ينامون في المسجد، وثبت أيضًا في الصّحيحين أنّ صفوان بن أمية نام فيه، وأنّ المرأة صاحبة الوشاح كانت تنام فيه، وجماعات آخرين من الصّحابة، وأنّ ثمامة بن أثال كان يبيت فيه قبل إسلامه، وكل هذا في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.وأكّد فضيلة الشّيخ بن يونس آيت سالم، نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أنّه لا جدل في كون النّوم في المساجد مُباحا، مستدلاً بأقوال أئمة المذاهب الأربعة حيث قال: ”الإمام مالك رضي الله عنه يرى أنّ لا بأس بذلك للغرباء ولا يرى ذلك للحاضر، بينما الإمام الشافعي يرى الإباحة بلا كراهة، في حين يُبيح الإمام أحمد بن حنبل ذلك للمسافر أو ما يُشبِه المسافر”.وشدّد الشّيخ آيت سالم على عدم الاعتماد على آراء الفقهاء القدامى، على أساس أنّ الأوضاع قد تغيّرت، لأنّ ”بعض المساجد تحوّلت إلى مراقد”، مشيرًا إلى أنّه ”لا أظنّ أنّ أحدًا من الأئمة الكبار يرضى أن تصل المساجد إلى ما هي عليه الآن”، موضّحًا أنّ ”للمساجد قدسيتها وحُرمتها ولها آدابها”.واعتبر نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن نوم واحد أو اثنان أو مريض أو مسافر بسبب التعب ”لا بأس به”، أمّا أن ”تتحوّل المساجد، خاصة بعد الظهر، إلى مراقد وتسمع أصوات الشّخير وغيرها، فهذا منظر غير لائق ببيوت الله تعالى”.وأشار المتحدث إلى أنّه لا يناقش ما قاله علماء الإسلام قديمًا، ولكن يضيف ”عندما تتحوّل إلى ظاهرة وترى يوميًا حوالي 200 شخص وتسمع أصوات الشّخير، فهذا أمر لا يليق ببيوت الله”، داعيًا إلى ”ضبط الأمور وجعل حدًّ لهذه الظاهرة”.وأكّد مسؤول بوزارة الشّؤون الدّينية والأوقاف، رفض ذكر اسمه، أنّه لا توجد تعليمة لوقف ظاهرة النّوم في المساجد، كما لا يوجد قرار يُلزِم أئمة المساجد على طرد من يتّخذ المساجد مراقد، وأضاف أنّه لا توجد أيضًا تعليمة بغلق المساجد في شهر رمضان المبارك.وأوضح المتحدث أنّ الإمام لا يستطيع أن يتقدم لشخص نائم في المسجد ويطلب منه النّهوض أو الخروج من المسجد، مبديًا أسفه للوضع الّذي وصل إليه حال النّاس مع بيوت الله الّتي من المفروض أن تكون مكانا للعبادة والذّكر وتلاوة القرآن الكريم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات