+ -

 عدم جدية بوتفليقة في حكاية تغيير أو تعديل الدستور تعكسه الطريقة التي يدير بها الرئيس هذا الملف منذ 16 سنة كاملة، حيث يقوم الرئيس بمعالجة التغييرات المتلاحقة للدستور بطريقة التهريب... أي مواد الدستور تهرّب عبر أجهزة الدولة في سرية تامة بعيدا عن الشعب والرأي العام والأحزاب، وحتى المؤسسات الدستورية للدولة، تماما كما تُهرّب المخدرات عبر الحدود الجزائرية المغربية؟!الأصل في الدستور، أي دستور، هو أنه تعبير عن إرادة الشعب والشعب وحده... وبالتالي فهو صورة صادقة للتوازنات السياسية الموجودة في المجتمع... فكيف يكون الدستور تعبيرا عن التوازنات السياسية الكبرى في المجتمع وانعكاسا لإرادة الشعب وهو يُحضّر في سرية تامة وبطريقة توحي بأنه عملية تهريب سياسي كبرى؟!عدم دستورية ما يقوم به الرئيس، وقام به قبل ذلك، تعكسه السرية التي تطبع العملية... فالرئيس سبق له أن عدّل الدستور ومدّد العهدة له خارج إرادة الشعب وعبر إرادة برلمان مزوّر... وأكثر من هذا قال إنه عمد إلى جعل الأمازيغية لغة وطنية بالبرلمان وبالتهريب وخارج إرادة الشعب، لأنه لو عرض الأمر على الشعب فلن يمر! ومع ذلك يقولون إن الرئيس والبرلمان والدستور والمؤسسات تمثل الشعب؟!شيء آخر مضحك في أمر هذا الدستور.. فقد قال سعداني إنه يشكك فيما قاله رئيس البرلمان، محمد العربي ولد خليفة، من أنه حصل على مسودة الدستور القادم! وعندما لا يعرف رئيس حزب الأغلبية في البرلمان أن من يرأس البرلمان باسمه حصل على مسودة الدستور أو لا ويشكك في تصريحاته فتلك هي المصيبة!وكيف عرف سعداني أن ما يقوله ولد خليفة ليس الحقيقة، وأن المسودة التي عنده ليست الأصلية؟! وماذا يقصد بهذا الكلام؟! هل الرئيس يضلّل رئيس البرلمان عندما يسلم له نسخة غير أصلية؟! وما الهدف من هذا التضليل الذي كشفه سعداني؟!غرابة ما يقوله سعداني ليس أسوأ منه سوى قوله إن السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، “يقوم فقط بقضاء حاجيات الرئيس”! هل يوجد في رئاسة الجمهورية منصب مستشار الرئيس لشؤون “الحاجيات”.. اقرأوا هيكلة الوظائف في رئاسة الجمهورية، فلن تجدوا هذه الوظيفة؟!سفيان جيلالي على حق عندما ربط بين محتوى الدستور الذي يريد الرئيس تهريبه بعيدا عن الشعب، وبين رفض النظام، أو ما تبقى من النظام، فكرة انتقال السلطة في الجزائر على طريقة كوبا!فقد زار راؤول كاسترو الجزائر منذ سنتين، وكان أمر الاستفادة من التجربة الكوبية في التوريث على طاولة الحديث؟ فإما أن يبقى النظام بالرئيس المريض أطول مدة، وإما أن يتم التغيير على الطريقة الكوبية، وإما أن يتغير النظام ككل... وتغيير بوتفليقة وحده أمر غير واد في ذهن الرئيس في الوقت الحالي.الأكيد أن الرئيس وجد صعوبة في تمرير التوريث، ووجد صعوبة أخرى لا تقل عنها في موضوع تمرير دستور بمواصفات تحمي البوتفليقية بعد بوتفليقة، سواء كان حيا أم ميتا؟!الحق يقال: إن الرئيس بوتفليقة سيسلم الجزائر إلى من هو بعده وهي في حالة أشد سوءا من الحالة التي استلمها فيها من زروال. فالأمن لم يستتب، والقلاقل الاجتماعية زادت، والمؤسسات الدستورية أصبحت أثرا بعد عين.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات