تكرّم الأستاذ هيكل على شمال إفريقيا بوصفها بأنها: “جناح من أجنحة النسر المصري”ǃقال ذلك في حديث مع الإعلامية المصرية لميس الحديدي.. فقال: إن منطقة الخليج جناح للنسر المصري.. ومنطقة شمال إفريقيا جناح آخر لهذا النسرǃ وبالطبع مصر أم الدنيا هي جسم.. ولا أقول “كرش” هذا النسر، الذي من حقه أن يلتهم مقدرات الخليج وشمال إفريقيا.. لكن ذيل هذا النسر بالطبع هو السودان والصومال، ومنقاره هو إسرائيل الكاسرة والجارحة؟ǃالصورة الخيالية التي أتى بها هيكل مثيرة وتعكس العقل الباطني السياسي للمصريين، وخاصة الذين هم من طينة “الهيكل”؟ǃ لكن ما فات الأستاذ هيكل في هذه الصورة الجميلة، أن النسر هو من أقذر الطيور الكاسرة.. فهو يتواجد حيث تتواجد الجيفة؟ǃ وكثيرا ما ينتظر الأسود والضباع تصطاد الفرائس ثم يأكل هو البقايا.. أو ينتظر الموت يقوم بدوره في قتل الفرائس ويقوم هو بدفنها في بطنه بروائحها الكريهة؟ǃدور الجناح الذي أسنده لنا هيكل، مشكورا، في جسم النسر المصري، يتماشى مع دورنا الجديد في المنطقة العربية.. فالنسر المصري يهجم على فخضه في اليمن بمساعدة جناحه في السعودية، وسكوت أو تواطؤ جناحه في شمال إفريقيا ومنها الجزائر؟ǃهذه الجزائر التي كان لها دورها في صناعة القرار العربي، عندما كانت الجزائر جزائر، وقبل أن تتحول إلى مجرد ريشات في جناح يرفرف لصالح النسر المصري لا غير.منذ أيام قامت جزائر الرجل المريض بمضاعفة مبالغ مساهمتها للفلسطينيين، وتخلت عن مبدأ تسليم المساعدة لكل الفلسطينيين، بمن فيهم سكان غزة، وسلمت المبالغ للجامعة العربية التي هي “كرتى” سمسار عربي بين العرب والفلسطينيين.. والجامعة العربية هي الآن أحد أمعاء النسر المصري الذي تحدث عنه هيكل.جاء هذا الموقف الجديد للجزائر في سياق تحوّل الجزائر إلى مجرد “ريش” في السياسة العربية.. بانتقالها من حالة دولة ممانعة، إلى حالة دعم ومساندة للمنبطحين والذين يقودون الفوضى الخلاقة في المنطقة.نعم، الجزائر “المريضة” مرعوبة مما حدث في سوريا والعراق وليبيا ويحدث في اليمن الآن.. تماما مثلما أخذ الرعب المرحوم القذافي، عندما رأى صدام حسين يفتش له في لحيته جندي أمريكي عن “الڤمل”، بعد اعتقاله في جحره.. فقام القذافي بتسليم كل شيء إلى الأمريكان في حركة بهلوانية عجيبة، لكن ذلك لم يشفع له وحدث له ما حدث.الجزائر الآن تقوم بنفس الدور الذي قام به القذافي بعد سقوط بغداد.. فقد نقل لعمامرة في زيارته الأخيرة الموقف الجديد للجزائر من الشرق الأوسط.. فلم تعد الجزائر في خانة الممانعة حتى في ضرب العواصم لبعضها بالطائرات نيابة عن إسرائيل؟ǃوبدأ لعمامرة شرح الموقف هذا بباريس قبل واشنطنǃ وهنا تذكرت أن سياسيا فرنسيا عنّف سياسيا جزائريا سنة 1983، عندما زار الشاذلي الولايات المتحدة دون المرور على باريس.. فقال الفرنسي للجزائري بالإقامة: “كيف تتركون الشاذلي يذهب إلى أمريكا دون موافقتنا”ǃ ماذا تفعلون إذن في الجزائر وأنتم حلفاء لنا في فرنسا؟ǃالصحافة الفرنسية والأمريكية لم تهتم بزيارة لعمامرة لفرنسا وأمريكا، ليس لأن الموضوعات التي ناقشها مع الفرنسيين والأمريكان غير مهمة.. بل الصحافة سكتت عنها لحساسيتها لدى الرأي العام الجزائري، وقد يكون ذلك تم بطلب من الجزائر؟ǃفالموضوع يتعلق بمعالجة ملفات جديدة تخص الموقف الجزائري من عديد القضايا في المنطقة.. فبلادنا التي هي قوة إقليمية، كما يقول سلال، تتحول الآن شيئا فشيئا إلى “شامبيط” في كتيبة الدركي المصري والسعودي في المنطقة العربية؟ǃتُضرب مالي من طرف فرنسا ولا موقف للجزائر، وتُضرب ليبيا من طرف مصر ولا موقف للجزائر، وتُضرب اليمن من قِبل السعودية ولا موقف للجزائر.. فقد أصبحنا نحن الآن نطمح لأن تضربنا إسرائيل، فذاك أشرف لنا؟
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات