لم تعد الجزائر تساوي شيئا على الصعيد الإفريقي، بعدما عجزت عن ضمان تأييد أربعة عشرة عضوا فقط على مستوى المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم،من أجل تنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا، وكشفت نتائج التصويت عن تنظيم ”كان 2017” عن غياب استراتيجية رياضية دولية للجزائر.تعدّت نتائج التصويت في القاهرة الجانب الرياضي، فعدم منح الجزائر شرف تنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا المقبلة، يعتبر إهانة كبيرة لبلد لم يُنظّم سوى دورة واحدة، وحدث ذلك قبل ربع قرن من الزمن، بل أن ”الكاف” أهانت الجزائر بالثلاث وقزّمتها أمام كل البلدان الإفريقية حين حرمتها من إحدى الدورات الثلاث التي ترشّحت لها وهي: 2017 و2019 و2021، ما يجعل من موقف عيسى حياتو وأعضاء المكتب التنفيذي من ملف الجزائر بشأن ”كان 2017” على أنه مؤشر قوي على أن الفشل هو فشل الدولة الجزائرية، قبل أن يكون فشل محمّد روراوة عضو المكتب التنفيذي لـ«الكاف”. وفقدت الجزائر هيبتها وأصبحت عاجزة عن استمالة أعضاء المكتب التنفيذي لـ«الكاف” وإقناعهم من أجل تنظيم دورة نهائية لكأس أمم إفريقيا، لأنها خسرت منذ مدة ”حرب اللوبيات” و«حرب المصالح”، وغابت عنها أيضا سياسة رياضية دولية واضحة، بدليل أن ”لمسة فرنسا” كانت واضحة على عدة قرارات تتعلق بـ«الكاف”، منها سرعة إعلان المحكمة الرياضية الدولية عن قرار إلغاء عقوبات ”الكاف” على المغرب، وما سبق من قرار مفاجئ من حياتو برفع العقوبة أيضا عن تونس.وسقطت الجزائر أيضا أمام ”لوبيات” قوية، وهو ما يجسّده ممول ”الكاف” متعامل الهاتف النقال ”أورانج”، كون الشركة الفرنسية متواجدة في الغابون ولا وجود لها في الجزائر، بينما يستفيد الفرنسيون من مزايا كثيرة في الجزائر، غير أن ذلك لم يشفع للجزائر الاستفادة من نفس لمسة فرنسا المؤثرة في قرارات ”الكاف”، وفي عدة هيئات رياضية وفي عدة بلدان إفريقيا، خاصة من غرب القارة السمراء، فقد استفادت فرنسا من الجزائر واستفادت معها السلطة الجزائرية، غير أن الدولة الجزائرية لم تستفد شيئا.محطات تكشف غيابهيبة الدولةوبالعودة إلى شريط الأحداث التي مرّت محطات منه علينا مرور الكرام، نقف عند تغاضي الدولة عن عدة إهانات تجسّد غياب سلطتها وعجزها وفقدانها لهيبتها قاريا، فقد سبق لرئيس ”الكاف” عيسى حياتو إهانة رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية مصطفى برّاف في الجزائر حين رفض مصافحته والجلوس بجانبه، بينما سبق لرئيس ”الفيفا” جوزيف سيب بلاتير مغادرة نهائي كأس الجزائر قبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، رغم أن الجانب البروتوكولي يفرض بقاء جميع الرسميين في الملعب إلى حين مغادرة الرئيس.هيبة الجزائر تزعزعت حين قاد وزير الرياضة محمد تهمي سباقا ضد الساعة من مبنى أول ماي إلى مطار هواري بومدين الدولي، ليمنع المنتخب الوطني من التنقل إلى قطر بعد إنجاز المونديال، والسبب عدم علم السلطات بالوجهة القطرية للمنتخب الوطني. وزاد موقف المدرّب الوطني الأسبق وحيد حاليلوزيتش إهانة أخرى لسيادة الجزائر، حين رفض بشكل قطعي عرض رئيس الجمهورية نفسه من أجل تمديد عقده، وفضّل تدريب نادي طرابوزن سبور التركي على العمل مع محمّد روراوة، رئيس ”الفاف”، رغم أن العرض الجديد يقف وراءه رئيس الجمهورية نفسه.وما تسرّب من اجتماع المكتب التنفيذي لـ«الكاف” حول عملية التصويت، أن الجزائر نالت خمسة أصوات من أصل 14 صوتا، بينما نال الغابون سبعة أصوات كاملة. ومن بين الأصوات، يوجد صوت عضو المكتب التنفيذي، دياكيتي، وهو من مالي، وحدث ذلك رغم أن الجزائر هي التي قادت عملية إنهاء الخلاف المالي، فيما لم يشفع لخطوة الجزائر السياسية لإحكام قبضتها على إفريقيا من جديد من خلال مسح ديون عدة بلدان إفريقية بقيمة مليار ونصف المليار دولار، أن يجعلها سيدة القرارات وصاحبة نفوذ، كون الخطوة جاءت متأخرة أمام تجذّر اللوبيات في المنطقة الإفريقية.غياب استراتيجيةرياضية دوليةالجزائر خسرت تنظيم نهائيات ثلاث دورات نهائية لكأس أمم إفريقيا، وتكبّدت الدولة الجزائرية الإهانة من رئيس ”الكاف” عيسى حياتو الذي حظي باستقبال رسمي من الوزير الأول عبد المالك سلال على هامش نهائي كأس السوبر، غير أن الكامروني منح الشرف لصديقه رئيس الغابون علي بانغو الذي مدّه بالمال من أجل ضمان نجاح دورة 2015 في غينيا الاستوائية، وهو خيار يحرج كثيرا الجزائر كدولة، لأنه يؤكد بأن قيمتها في إفريقيا قد اندثرت فعلا.كما أن لغياب استراتيجية رياضية دولية من الطرف الجزائري، ساهم في تغذية مسببات الإخفاق، فالدولة لم تستثمر أيضا في تواجد الجزائري محمّد روراوة على مستوى عدة هيئات، منها الإفريقية، وما تحقق سوى مكاسب شخصية لمحمد روراوة، مثلما حققت السلطة مكاسب على حساب مصلحة الجزائر كدولة.وكشف مصدر عليم بأن مصر تحتضن بأراضيها 26 كونفدرالية إفريقية للرياضة، وهو ما يدخل ضمن استراتيجية رياضية دولية الهدف منها التحكّم في مصدر القرارات على مستوى الهيئات الرياضية الإفريقية، ما يعني أن البحث عن تحقيق إنجازات رياضية على المستوى القاري يستوجب في البداية تحديد الإستراتيجية التي تمشي وفقها الاتحادات ويتبناها الإعلام ويحرص على نجاحها الجانب الديبلوماسي، ويضمن بقاءها اللوبيات.. وعدا ذلك، فإن أي تحركات لن تكون سوى صرخة في الوادي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات