هذا التقرير هو قراءة لنشأة ما عرف بالحركة الحوثية في اليمن والسياق التاريخي الذي جاءت فيه، ومراجعة لمجمل الأدبيات والمفاهيم المؤسّسة لها، ومحاولة للوقوف على أهدافها ومطالبها العامة كما يراها وعايشها الكاتب محمد عزان أبو راس، وهو باحث يمني. كما يرصد التقرير مجريات الصراع العسكري القائم بين الحوثيين والجيش اليمني والمآلات المتوقعة له، مثلما جاء في الموقع الإلكتروني لـ«مركز الجزيرة للدراسات”. وتنقل “الخبر” الكثير مما جاء في هذا التقرير، مع بعض التصرف..
يقول الباحث محمد عزان أبو راس إنه في مطلع الثمانينيات كان النشاط الديني في مجمل “هِجَر” محافظة صعدة وحلقات الدروس الدينية في نواحيها محدودة الانتشار، وكانت “هِجرة” (ضحيان) و(صعدة) و(رحبان) هي البقية الباقية من “الهجر” القديمة، التي كانت تقيم حلقات الدروس، وتستقبل قليلاً من المهاجرين لطلب العلم والذين كان يغلب على أكثرهم الهجرة لطلب العيش لا طلب العلم.وحينما دخلت السلفية تلك المناطق بقيادة الشيخ مقبل الوادعي (توفي عام 2001) ركزت على مهاجمة أتباع المذهب الزيدي وعلمائهم وعقائدهم وفقههم وعاداتهم وتقاليدهم، وهم يمثلون النسبة الأعلى من سكان المنطقة، ما أدى إلى ردة فعل معاكسة دفعت علماء المذهب الزيدي نحو التصدي لما أسموه بـ«الغزو الوهابي”، فألفوا الكتب وعقدوا المناظرات ونشطوا في تأسيس حلقات الدروس وانتشروا في القرى لإلقاء الخطب والمحاضرات، ما جعل النشاط الديني لأتباع المذهب الزيدي يتصاعد، ولكن ببطء ومحدودية؛ إلا أن ردود الفعل تجاه من اعتبروهم “أعداء المذهب” كانت هي الغالبة على ذلك النشاط. وكان معظم القائمين عليه من كبار السن، علماء ودارسين، إضافة إلى اعتماد الأساليب والمناهج القديمة وغياب التنظيم والتخطيط.وشهدت المنطقة في عام 1986 تأسيس مدارس علمية وتجمعات ثقافية جلّها من الشباب، وكانت مبعثرة ومحدودة وتتواجد فقط في “الهجر” العلمية وبعض قرى صعدة، ولكن بعد توحيد اليمن (عام 1990) دخلت البلاد مرحلة جديدة اتجه فيها الناس إلى تشكيل الأحزاب والتجمعات فكان من أبرزها “منتدى الشباب المؤمن”، والذي اتسع نفوذه حتى طغى على المد السلفي وتمدد على حساب المدارس التقليدية، وصارت له قاعدة شعبية معتبرة خصوصاً في محافظة صعدة.وبلغ تيار “الشباب المؤمن” ذروته في الانتشار عام 1998، ثم تعرضت قيادته للانقسام ما بين تيارين: أحدها رأى أن سبب نجاح التيار وصموده في مواجهة خصومه هو انفتاحه على الآخرين، والتزامه بتجديد المناهج والرؤى والتحرر من بعض جزئيات الموروث التقليدي الزيدي. بينما آثر الفريق الآخر التزام النهج والمدرسة الزيدية التقليدية والبقاء على خط المواجهة مع المذهب السني، على أساس أن ذلك هو سر النجاح والكفيل ببقاء الحركة ونموها.وهناك بدأ الشرخ يظهر ويتسع بين الفريقين، إلى أن ظهر إلى العلن عام 2000، حيث تمكن حسين بدر الدين الحوثي من فرض نفسه على “الشباب المؤمن” بمساعدة أخيه محمد بدر الدين الذي كان أحد مؤسسي منتدى “الشباب المؤمن”، وقَبل “الشباب المؤمن” به إلى جانب عبد اللّه الرزامي ويحيى الحوثي وآخرين.وفي أواخر عام 2001 طالب حسين الحوثي بإلغاء “منتدى الشباب المؤمن” وأعلن رفض منهجه وأهدافه، بعدما وجد أنه لا يمضي في الاتجاه الذي يريد، وأخذ في تسجيل محاضراته وتفريغها في ملازم دراسية، واعتبرها بديلاً عن مناهج “الشباب المؤمن”، وذهب في اتجاه آخر انتهى به إلى مواجهة الدولة عسكريا، وهو الأمر الذي لا تزال تداعياته قائمة وتتصاعد كل يوم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات