فيضانات باب الوادي ذكرى للعبرة.. فهل من معتبر؟

+ -

في سبت أسود كمثل هذا التاريخ منذ 16 عاما، شهدت العاصمة الجزائر واحدة من أشد محنها، كان القدر قد خبّأها للعباد امتحانا لهم.. كانت كارثة على منطقة باب الوادي وأعاليها، كارثة مهّدت لها أياد بشرية، ولم يغش الليل نهار ذلك اليوم 10 نوفمبر الغاضب إلا وقد فعلت الأقدار في باب الوادي ما فعلت، إذ أخذت الأمطار المتهاطلة ليلة كاملة دون انقطاع في التدفق والتجمع بداية من بوزريعة ونزولا على بوفريزي وتريولي، جارفة معها كل ما في طريقها، ولتكون آخر نقطة تصل إليها الأوحال الجارفة شاطئ البحر الذي اكتسى بلون الدم والوحل، بحر غاضب هائج مائج أثار الرعب في كل من سوّلت له نفسه التدخل والإنقاذ، إلا أنه واجه أصحاب همم عالية ونفوس طاهرة تأبى أن تترك الغضب للطبيعة وحدها، فقاومت وتصدت.. يومها نزل شباب ورجال باب الوادي يدا بيد، مرافقين فرق الحماية المدنية والشرطة وقوات الجيش الشعبي الذين انتشروا في الميدان، كل يلبِّي نداء الواجب والإنسانية، وكم كان المنظر مرعبا، وكم كانت المهمة صعبة وعسيرة.

يروي سيد علي أحد أبناء حي باب الوادي ممن عايشوا الفاجعة آنذاك "أمام تلك المناظر المرعبة لم يكن أمامنا سوى التدخل، لعلنا نجد من لا تزال تدب فيه الحياة لننقذه، لكن أغلبهم كانوا قد تجمدوا عند تدخلنا وفارقوا الحياة منذ ساعات، لقد كانوا رجالا ونساء، شابات وشبانا وأطفالا، هالنا منظرهم وهم عراة متجمدون، وجوههم تنم عن هول ما رأوه قبل مماتهم، لقد كان الجميع يظهر عليه الهلع والفزع والخوف حتى وهم أموات سلّموا أرواحهم إلى بارئها.. لقد كنا أمام مشاهد لا يمكن للمرء تحملها إلا تحت حماية مخدر عقلي.. لقد لجأنا لتناول حبوب مخدرة جلبها بعضنا حتى يمكننا تحمل المشهد المأساوي، لكن لم يكن لتلك الحبوب أن تمحو أبدا آثار ما عشناه ورأيناه أمامنا، فنحن لا زلنا نذكر الأحداث كسلسلة تطرأ على ذاكرتنا مع أبسط محفز وحتى دونما أي تحفيز، نحن سنعيش الذكرى لآخر أيام حياتنا، ولو أن لهذه الذكرى أثرا طيبا واحدا، وهو تفكيري الدائم في أن للحياة أجلا وما الدنيا إلا متاع الغرور"، يقول محدثنا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات