38serv
كشفت تقديرات الحكومة عن بلوغ قيمة القروض التي منحتها البنوك أكثر من 8467 مليار دينار أو ما يفوق 75 مليار دولار، منها قرابة النصف وجهت للمؤسسات العمومية بقيمة 4000 مليار دينار أو ما يفوق 35.5 مليار دولار، يضاف إليها 700 مليار دينار أو 6.218 مليار دولار خصصت لمشاريع "أنساج"، هذه الحصيلة لم تؤثر إيجابا، لا على الآلة الإنتاجية ولا على مستوى الاقتصاد، بل إن العديد من المؤسسات العمومية تعاني دائما من العجز وتراجع وتيرة الإنتاجية.ولا يقتصر الأمر على القطاع العمومي في مجال القروض البنكية، بل إن الخواص أيضا مستفيدون بنسبة كبيرة، حيث يمثلون نحو 48 في المائة من القروض البنكية الممنوحة، إذ قدر حجم القروض الموجهة للخواص بـ3767 مليار دينار أو ما يعادل 33.422 مليار دولار. ومن المعلوم أنه رغم تسجيل طلب إقراض في إطار برامج السكن والقروض الاستهلاكية، إلا أن الجزء الأهم من القروض الموجهة للخواص يخص المتعاملين الخواص، والجزء الأكبر في هذه القروض يبقى منحصرا بين عدد قليل من المتعاملين.وتطرح سياسة الإقراض عدة نقاط ظل بالنظر إلى غياب النجاعة في المقام الأول، وتخطي عتبة مستويات قواعد الحذر المعتمدة منها نسب "كوك" و"ماكدونو"، في وقت تحولت البنوك من وضعية الفائض في السيولة إلى شح في السيولة، فالبنوك التي كانت تحوي على أكثر من 1500 إلى 1800 مليار دينار سيولة أضحت تسجل نحو نصف السيولة بـ600 مليار دينار، وهو ما دفع البنك المركزي إلى مراجعة سعر إعادة الخصم واعتماد بنك الجزائر أيضا إجراءات جديدة خاصة للسماح بتوفير السيولة لدى البنوك التجارية التي تعاني من نقص السيولة النقدية.ومن بين الإجراءات الخاصة التي اعتمدها البنك المركزي تخفيض نسبة المخزون الإجباري لدى البنوك أو الاحتياطات الإجبارية للبنوك من 8 في المائة إلى 4 المائة بداية من 15 أوت الماضي، حيث أصدر بنك الجزائر تعليمة جديدة تنص على ذلك بتاريخ اليوم الأحد، مسجلا بذلك انخفاضا محسوسا هو الثاني من نوعه بعد الإجراء الأول الذي تم إقراره في 15 ماي 2016، حيث قام بنك الجزائر آنذاك بتخفيض نسبة المخزون الإجباري من 12 في المائة إلى 8 في المائة. وجاءت التعليمة 4-2017 الصادرة في 31 جويلية 2017 لتعدل وتتمم التعليمة 2-2014 الصادرة في 13 ماي 2014، المتعلقة بنظام الاحتياطات الإجبارية.ويتأكد بالتالي مشكل توفر السيولة النقدية لدى البنوك التجارية، حيث قدرت نسبة الانخفاض بحوالي أربعين 40 في المائة، حسب مصادر بنكية، هذه الأخيرة قدرت التراجع من 1500 مليار دينار إلى نحو 600 مليار دينار، وهو ما دفع البنك المركزي إلى مراجعة سعر إعادة الخصم، في مسعى لتعزيز السيولة لدى البنوك، خاصة أن هذه الأخيرة تم الاستعانة بها في إطار عمليات القرض السندي، فضلا عن ارتفاع التزامات البنوك في مجال قروض الاقتصاد، ويعرف الخبراء المخزون الإجباري بأنه احتياطي مالي تودعه البنوك والمؤسسات المالية لدى البنك المركزي.ويسمح قرار بنك الجزائر الجديد للبنوك التجارية برفع قدرات التمويل الحالية بنسبة 4 في المائة مقارنة مع الوضعية السابقة التي تقتضي تجميد 8 في المائة من ودائع البنوك كاحتياطي إلزامي في إطار زيادة ملاءة البنوك وعدم استخدام الفوائض في وجهات مضرة بالاقتصاد الوطني وضبط التضخم، علما أن نسبة المخزون كانت مرتفعة نظرا لارتفاع الكتلة النقدية والسيولة، حيث عرفت البنوك فائضا في السيولة لعشر سنوات.وتطرح سياسات الإقراض أيضا طبيعة عمل البنوك وتداخل تسييرها مع الوصاية، فالبنوك التجارية العمومية تبقى مرتبطة بالوصاية أي وزارة المالية وبالتالي السلطات العمومية من حيث تركيبة مجلس الإدارة والجمعية العامة وتسطير السياسات المالية والنقدية، وهو ما يجعل تسييرها قليل النجاعة من الناحية الاقتصادية، وهو ما كشفه مثلا إشراك البنوك في عمليات القرض السندي، ليترتب ذلك عن إنهاك موارد مالية معتبرة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات