تأمّــــــــــلات في ســـــــورة الجـــــــــــــــن

38serv

+ -

يقول الأستاذ راتب النابلسي: إنّ في الدّين مقولات لا تعدّ ولا تحصى، فلا بدّ لك من مقياسٍ دقيق تصنّف به هذه المقولات، فلا بد من منهجٍ دقيق نعتمده في قبول المقولات الدّينية وفي رفضها. إذاً: الجنّ موجودون، ومنهم الصّالحون ومنهم الطّالحون، فهم فرَقٌ كثيرون: {وَأَنّا مِنّا الصّالِحُونَ وَمِنّا دُونَ ذَلِكَ كُنّا طَرَائِقَ قِدَداً}. والجنّ منهم المضلّون، الخبثاء، ومنهم السُذج البسطاء. {وَأَنّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللّه شَطَطاً وَأَنّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللّه كَذِباً} الجن:4-5. إنّ الجنّ لديهم استعدادٌ للّهداية، فهم مستعدّون لإدراك القرآن الكريم سماعاً وفهماً، والدّليل على ذلك هذه الآيات الكريمة: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيّ أَنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنّا سَمِعْنَا قُرْآَناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} الجنّ:1-2. فقد استمعوا إلى هذا القرآن الكريم وأُعجبوا به وفهموه وأدركوا أبعاده وآمنوا به، فصاروا جناً مؤمنين. إنّ الجنّ مكلَّفون، ومعنى ذلك أنّهم مسؤولون ومحاسبون، فتقع عليهم أنواع العقوبات وأنواع الإكرامات، والدّليل أنّ اللّه سبحانه وتعالى يقول: {وَأَنّا لَمّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً} الجنّ. فمن يؤمن بربّه؛ أي: منّا، فالجن مكلَّفون. {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ فَبِأَيّ آَلَاءِ رَبّكُمَا تُكَذِّبَانِ} الرّحمن:31-32. أي: سنقصد إلى محاسبتكم، فالملك غير مكلّف، والحيوان غير مكلّف، والجماد غير مكلّف، لكن الإنس والجنّ مكلّفون بحمل الأمانة، وهم مسؤولون، وسيحاسبون ثمّ يعذَّبون، أو يُنعّمون.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات