يبدو أن “سمكة افريل” أو “كذبة أفريل” لهذه السنة سبقت الموعد بأيام، حيث جاءت في أواخر شهر مارس مع “القمة العربية”، أو “الغمة العربية” التي أخرجت لأول مرة “الصِراع العربي الإسرائيلي” من أولويات أجندتها، وعوضته بـ “الصُّداع السني الشيعي”، حيث يستوقفنا القلق الذي أعرب عنه البعض، من ضياع “سمكة الهوية العربية” في البحر الفارسي، فإطلاق مصطلح “الهوية العربية” في هذه القمة وهذا الظرف الذي تمر به منطقة ما يسمى “العالم العربي”، ربما ينم عن جهل قائله بتركيبة المجتمعات “العربية” أو لبس أصابه، حيث أخلط بين الهوية الدينية والهوية العرقية، وقدم صراع السعودية وإيران وصعود نفوذ إيران (الفارسية) في المنطقة الذي يهدد السعودية حامية “الهوية العربية”، على أنه صراع ديني بين سنة وشيعة كما يروج له، وطبعا كل هذا على مرأى من أمريكا (الروم) التي تتابع عن كثب إن لم تكن هي المحرك الأساسي لرقعة الشطرنج. والسؤال الذي يجب أن نطرحه هو عن هوية هذه القمة أصلا، والمنطقة التي تسمى جزافا “عربية”، وتمنيت لو كان هناك في القاعة من يهمس في أذن من رافع عن “الهوية العربية” ويقول له يا “أخا العرب”، إن العرب موجودون في الجزيرة العربية، وباقي العالم الذي تراه من حولك هم من حملوا لواء الإسلام وليس العروبة، والإسلام دين عالمي لا تختص به سنة ولا شيعة، ولا عرب ولا عجم. العرب حملوا الرسالة الكونية، وهذا لا يجعل منهم بأي حال من الأحوال أوصياء على المسلمين، أما الهوية العربية فقد ضربها العرب أنفسهم عرض الحائط، حين جعلوا الخليج هويتهم الأساسية متناسين باقي الأطراف، ولم يساهموا في رفع الغبن عن باقي المناطق العربية لا بمساعدات ولا بتنمية ولا بحماية، بل ساعدوا في انتكاستها، فكان العراق أول من دفع ثمن غرورهم وقصر نظرهم وجريهم وراء تحقيق مصالح أمريكا (الروم) التي لم تكونوا في يدها إلا عصا تضرب بها من تشاء ومتى تشاء، ثم جاء الدور على سوريا، والآن اليمن. واليوم تتباكون على ضياع الهوية العربية أمام المد الإيراني الفارسي، أو فلنقل كما تزعمون “المد الشيعي”. كان يجب أن يهمس أحد في أذن المجتمعين إن شمال إفريقيا أمازيغ، أعزوا الإسلام ورفعوه وتعلموا اللغة حبا فيه، والمصريون فراعنة، وبعض من في الشرق الأوسط فينيقيون وأرمن وخليط من شعوب المنطقة، وكان عليه أيضا أن يذكر أصحابنا من ملوك ورؤساء، بأنه يتكلم باسم العروبة وهؤلاء جمعهم الإسلام يوما على كلمة واحدة، وليس العروبة. وأتمنى أن يهمس أحدهم في أذن هؤلاء إن إيران لا تخيفهم هم، لأنهم مجرد أداة، لكن هي تخيف إسرائيل ابنة أمريكا بالتبني، كما أخافتها العراق يوما، لا يجب أن تبقى في منطقة الشرق الأوسط أي دولة يمكن أن تهدد أمن إسرائيل، خاصة من حيث القوة العلمية التي تؤدي إلى التحكم في التكنولوجيا النووية، والبحث العلمي الذي يؤدي إلى التطور الصناعي والاستقلالية العسكرية، وهنا أذكر ما طالعنا به الدكتور وليد عبد الحي منذ أيام، تقريرا عن البحث العلمي وتطوره في العالم، حيث زادت نسبة إنتاج البحوث العلمية في إيران خلال الفترة من 1994-2014 (أي 20 سنة)، بـ1800%، بينما لا تشكل الزيادة عند العرب مجتمعين إلا 7%، بمعنى يقول الدكتور أن الإنتاج العلمي الإيراني يساوي 257 ضعف الإنتاج العربي، ما يعني أن إيران هي الدولة الأسرع في العالم في نمو البحث العلمي.. وهذا ما يقلق أمريكا وإسرائيل والغرب، وستبحث عن منفذ لتوقيف هذا التطور بأي ثمن وشكل، وأكيد لن تجد أفضل من السعودية تقود دول الخليج لأداء هذه المهمة، كما سبق أن فعلتها مع العراق يوما، لإنهاك القوة العسكرية الإيرانية بعد سقوط الشاه، ثم دارت الدائرة على العراق أيضا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات