الاستثمارات شحيحة والحكومة تصـر على 51 في المائــــة

+ -

في الوقت الذي تتسابق الدول لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، من خلال توفير مناخ جذاب وتسهيل الإجراءات، تبقى الجزائر من بين الدول المتأخرة في مجال مناخ الأعمال والاستثمار، وهو ما تؤكده دوريا تقارير البنك العالمي حول مناخ الأعمال، حيث يتم التركيز على غياب إصلاحات فعلية في العديد من القطاعات وعلى سيادة البيروقراطية ودور الإدارة السلبي، فضلا على انتشار الفساد، ما يجعل الجزائر من بين الوجهات الأكثر إرهاقا في مسار يشبه بمسار المقاتل بالنسبة للمستثمرين. ورغم ذلك، فإن الحكومة تصر على تطبيق قاعدة 51 و49 في المائة على كل القطاعات، حتى ولو كلفها ذلك نفور الكثير من المتعاملين. رغم اعتماد الجزائر برنامجا خاصا بمراجعة مناخ الأعمال وفقا لتقرير “دوينغ بيزنس” الخاص بالبنك العالمي، فإن الإصلاحات الموعودة لاتزال تراوح مكانها، فلا البيروقراطية زالت ولا الفساد قل ولا تدخل الدولة في الدائرة الاقتصادية ضبط ولا مسار القيام بالمشاريع تم تطهيره بصورة ملحوظة وكبيرة، حيث تظل المدة التي يستغرقها المتعاملون لإنشاء مؤسسة أو القيام بمشروع استثماري يعتريها الكثير من البطء والضبابية وتداخل صلاحيات الهيئات والمؤسسات. ورغم الشكاوى المتعددة للمستثمرين والمتعاملين، فإن التدابير المعتمدة لاتزال تعاني من مركزية القرار من عدم رد الفعل السريع للإدارة وتأخر التعاملات وضعف كبير للمنظومة البنكية والمالية والمصرفية، حيث تصنف ضمن الأضعف في المنطقة. وفي الوقت الذي لا يمكن تحديد القيمة الفعلية للاستثمارات من خلال معطيات الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار التي تركز على نوايا الاستثمار دون الكشف عن نسبة المشاريع المنجزة والمحققة فعليا من إجمالي النوايا المعلن عنها، تكشف الإحصاءات الصادرة عن بنك الجزائر عن تذبذب حجم وقيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وعدم استقرارها، وهي تشمل أيضا عمليات إعادة رسملة البنوك ورفع رأسمالها وعدة عمليات أخرى، ومع ذلك، فإن قيمة الاستثمارات إجمالا تظل متواضعة، خاصة أنها تشمل قطاع الطاقة والمحروقات. وعلى العموم، فإن قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراوحت ما بين 3.47 مليار دولار كأعلى مستوى في 2010 و1.37 مليار دولار في 2007 كأدنى مستوى، مع تسجيل تراجع منذ 2012، حيث بلغت 1.52 مليار دولار، ثم 1.96 مليار دولار في 2013 و1.47 مليار دولار في 2014. وبعد أن عرفت الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراجعا بفعل تأثير الأزمة المالية والاقتصادية، إلا أن الجزائر كانت من بين أهم الدول في المنطقة التي عرفت انكماشا معتبرا، في وقت عرفت الاستثمارات باتجاه تونس والمغرب ارتفاعا، ونفس الأمر ينطبق على مصر، حسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية. ويوضح تقرير المنظمة الأممية المتخصصة أن الجزائر استقطبت في عام 2013 ما قيمته 1.691 مليار دولار مقابل 1.499 مليار دولار في 2012 ومثلت الجزائر نسبة تقل عن 4 % مما استفادت منه المنطقة المتوسطية في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو مستوى أقل من ذلك المعلن عنه من قبل بنك الجزائر الذي أشار إلى 1.7 مليار دولار. ويلاحظ التقرير الدولي بروز ظاهرة زيادة حصة الاستثمارات الصينية، حيث استفادت جنوب إفريقيا من حصة الأسد تلتها السودان ونيجيريا وزامبيا ثم الجزائر، هذه الأخيرة تأتي من حيث استقبال الاستثمارات الأجنبية عموما في المستوى الثالث، بينما تصنف جنوب إفريقيا ونيجيريا في المستوى الأول وكذا المغرب. وأكد التقرير أنه في الوقت الذي عرفت الاستثمارات الأجنبية المباشرة تحسنا في تونس والمغرب، تراجعت في الجزائر. وتواجه الجزائر انكماشا في قطاع المحروقات أثر سلبا في مستويات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة ولكن أيضا الاستثمارات الجزائرية في الخارج، وهنا يبرز تأثير توقف أو تباطؤ نشاطات مجمع سوناطراك بالخصوص التي كانت تشكل أهم مصدر للاستثمارات الجزائرية في الخارج، حيث انهارت التدفقات الوافدة من الجزائر بصورة كبيرة جدا ما بين 2011 و2012، كما أن مخزون الاستثمارات الأجنبية يظل متواضعا مقارنة بدول المنطقة. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات