لعل النظافة هي السلوك الوحيد الذي جعل الشعب التونسي ينجح في قلب أوضاعه السياسية رأسا على عقب، ويأتي في نهاية المطاف برئيس منتخب بطريقة ديمقراطية لم يشهدها من قبل، ولولا هذه النظافة التي ميزته عن شعوب المنطقة، لما استطاع أن يخرج من أوحاله بهذه السهولة التي مكنته من الوصول إلى شاطئ الأمان من غير أن يسجل على نفسه أي خسارة، والتي ربما كانت تعكر عليه هذا المشهد السياسي الذي رسمه بعفويته وحسه الجمالي.
يقال إن الشعب التونسي في مسيرته السياسية الطويلة تربى على النظافة، وهي التي أهلته فيما بعد لكي ينظف بيئته السياسية من الفساد والرشوة والبلطجية، وربما يكون الرئيس بورڤيبة هو الذي غرس فيه هذا السلوك الحضاري إلى درجة أنه جعله لا يبصق على الطريق، وقد اتخذ هذا الرجل من شعار النظافة آنذاك رسالة، فقد كان التونسيون يسمعونها كل صباح عبر أمواج الأثير، إنه شعار في غاية البساطة، لكنه جعل من شعب لا يملك من مقومات الاقتصاد غير رهافة حسه، قادرا على تطوير بلده الذي أصبح قبلة لهؤلاء السياح الذين كانوا يقصدونه طلبا للراحة والاستمتاع بمناظره الجميلة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات