قد تكون أحزاب المعارضة أخفقت في الخيار وأحبطتها النتائج، لكن المنهزم الوحيد في هذه الانتخابات هو السلطة التي أخفقت آلتها الدعائية وحكومتها المترهلة وجهازها السياسي ومنابرها الدينية في إقناع الجزائريين بالتصويت وجدوى الانتخابات، رغم التخويف من عودة سنوات الدم والتدخل الأجنبي ومصير سوريا وليبيا.ما حدث نكبة دولة وهزيمة سلطة وإخفاق حكومة وفشل مؤسسات متخمة في الأصل بالغش، وحدها الأرقام تؤكد أن السلطة الراهنة التي تحكم بشرعية القوة وهندسة التزوير ومؤسسات الواجهة لا تملك أي شرعية سياسية وشعبية، ولم تخرج من مأزق الشرعية منذ انقلاب الجيش على الحكومة المؤقتة عشية الاستقلال، وعدم تصويت 62 في المائة من الناخبين، له توصيف واحد، هو أننا أمام حالة تمرد معلن ورفض مدني لأشكال تمثل السلطة المتحالفة مع الكارتل المالي ومؤسساتها التي تأكل من عشب يابس.ليكن واضحا أن العمق المجتمعي هو أكثر من فهم أن الانتخابات بوضعها الحالي لن تحل المأزق السياسي في الجزائر، لا تقدم سوى خدمة متجددة للسلطة لنقل البلد من مرحلة انتقالية إلى مرحلة انتقالية أخرى، أخطر ما في المرحلة المقبلة هذا التمدد الرهيب للكارتل المالي والتهامه للإدارة وجشعه في افتكاك الدولة التي تتهاوى وتتفكك من الداخل، وإذا كان من نجاح للنظام فكونه نجح في حشر المعارضة بين خياري المشاركة والمقاطعة، وطالما أن قوى الاعتراض السياسي محشورة بين هذين الخيارين، فإن قدرتها على ابتكار أشكال نضالية أخرى والتمدد لاستقطاب تلك النسبة الرهيبة من العازفين عن التصويت (62 في المائة) يظل معطلا وذلك ما تبغي السلطة.كانت المعارضة على تماس من حالة ابتكار سياسي في جوان 2014، وعلى تخوم أن تتلمس أفقا يمكن أن يؤسس لفعل ضاغط على السلطة، خاصة وأن الأخيرة تعبّر عن حالة إفلاس سياسي واقتصادي لكنها (المعارضة) صدّقت في لحظة سهو أن السلطة يمكن أن تبيع الماء لخصومها بخلاف النقابات المستقلة، وتمثل تطورا إيجابيا لحالة نضالية أكثر عنفوانا ونجاعة نجحت في نسف مجسم نقابي مترهل كانت داخل قفازات السلطة، وتلك تجربة يمكن أن تستلهم منها المعارضة لهندسة أفق آخر.عثمان لحياني❊ يا عثمان هذه السلطة “جايحة” لا تعرف مصلحتها... فقد قام أحزاب الحكم بترشيح رجال الرئيس في قوائم التشريعيات، وقاموا بتقديم برنامج الرئيس على أنه برنامج هذه الأحزاب، وكانت النتيجة أن برنامج الرئيس الذي صوّت عليه الشعب في الرئاسيات السابقة بنسبة أكثر من 60 بالمائة، لم يأخذ هذه المرة حتى 10 بالمائة، بالنظر إلى المقاطعة والأصوات الملغاة. وهذا معناه أن هؤلاء وضعوا شرعية الرئيس في مأزق!الجيش أيضا صوّت جنوده لأول مرة بالورقة البيضاء في أغلب مراكز الانتخابات. والجنود الذين صوّتوا لصالح المترشحين مارسوا الانتخاب مكان الشعب في هذه الدوائر الانتخابية باعتبارهم سكانا غير مقيمين، والدستور والقانون يفرضان على المترشح بأن يكون مقيما، فما بالك بالناخب...
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات