العنف الذي مارسه الشباب ضد معلقات المترشحين للتشريعيات هو بالفعل عنف مؤسّس، إذ لم يكتف الشباب بتمزيق الصور، بل ذهب إلى حد تحطيم اليافطات التي تُعلق عليها الصور والبرامج الخاصة بالمرشحين!تُرى من أين جاء هذا العنف المؤسف ضد المرشحين وضد الحملة الانتخابية بهذه الطريقة الفجة؟! الجواب واضح.. هذا العنف هو نتاج عملية ممارسة العنف ضد الشعب طوال العشرية أو العشريتين الماضيتين.. فالسلطة دأبت على التعامل مع أي احتجاج شعبي سلمي، سياسي أو غير سياسي، في الشارع بالهراوات وليس بألسنة المحاورين.!ولهذا أخذ الشباب هذا المنحى العنيف في التعامل مع الأشياء التي يُعتقد أنها من صنع السلطة.. فرغم أن المرشحين من الشعب، أو يفترض بهم أن يكونوا كذلك، فإن رضا السلطة عنهم وترشيحهم دون غيرهم جعلهم في نظر الشباب الغاضب مجرد أذيال أو امتداد للسلطة، ولذلك تعاملوا مع صورهم بهذا العنف المؤسف.صحيح أن السلطة هي التي اختارت من الأحزاب والقوائم المقدمة لها، وهو ما يعكسه موقف الشعب من هؤلاء المرشحين.. لكن الصحيح أيضا أن الأحزاب السياسية اجتهدت هي الأخرى في اختيار أسوء ما لديها لتقديمهم كمرشحين بارزين في القوائم، وقد لعب في الموضوع الزبائنيةُ والجهوية والعائلية، وتُوِّجت هذه كلها بالشكارة، فرأينا كيف اعتلى القوائم أناسٌ متابعون قضائيا خاصة في أحزاب الموالاة، بل حتى بعض المرشحين عن الجالية في الخارج كانوا متابعين قضائيا من طرف الدولة التي يقيمون فيها.لهذا شاهدنا كيف كتب الشباب بأعلى صورة المرشحين الملصقة “مانفوطيوش على السراق”.!وهنا يطرح السؤال: كيف سيكون البرلمان القادم؟ لا جواب عندي.. لكن الأكيد أن هذه الانتخابات ستعرف مقاطعة معتبرة، ونتائج هذه الانتخابات ستكون أسوأ نتائج عرفتها البلاد، وستتعمق الهوة بين السلطة والشعب بهذه الانتخابات.! انتخابات أُريدَ لها أن تجنِّب البلاد مضار العنف، فإذا بها تضع الانتخابات نفسها في دائرة العنف.نعم ستُجرى انتخابات بحملة انتخابية بائسة، بلا برامج ولا مهرجانات ولا تجمعات، وسينجح النواب بلا تصويت أو تصويت مشكوك فيه، وستنتهي الأحزاب المشاركة إلى نفس مصير السلطة إزاء الموقف الشعبي منها، وستمارس السلطة والأحزاب عنفا آخر سياسيا ضد الشعب، ردا على عنف الشعب ضد المرشحين.!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات