عن أبي يَعلى شَدَّاد بنِ أوس، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “إنَّ اللّه كَتَبَ الإحسّانَ على كُلِّ شيءٍ، فإذَا قَتَلْتُم فَأَحْسِنُوا القِتْلَة، وإذا ذَبَحْتُم فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وليُحِدَّ أحدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ” رواه مسلم.فقولُه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إنَّ اللّه كَتَبَ الإحسانَ على كُلِّ شيء” ظاهرُه يقتضي أنَّه كتب على كلِّ مخلوق الإحسان، فيكون كُلُّ شيءٍ، أو كُلُّ مخلوق هو المكتوبَ عليه، والمكتوب هو الإحسانُ. وقيل: إنَّ المعنى: أنَّ اللّه كتب الإحسانَ إلى كلِّ شيء، أو في كلِّ شيء.والحديث نصٌّ في وجوب الإحسان، وقد أمر اللّه تعالى به، فقال: {إِنَّ اللّه يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} النّحل:90. وهذا الأمرُ بالإحسّان تارةً يكونُ للوجوب كالإحسان إلى الوالدين والأرحام بمقدار ما يحصل به البرُّ والصِّلَةُ والإحسّانُ إلى الضّيف بقدر ما يحصل به قِراه على ما سبق ذكره. وتارةً يكونُ للنَّدب كصدقةِ التطوّعِ ونحوها. كما يدلّ الحديث على وجوب الإحسّانِ في كلّ شيء من الأعمال، لكن إحسانُ كُلِّ شيء بحسبه، فالإحسّانُ في الإتيان بالواجبات الظاهرة والباطنةِ: الإتيانُ بها على وجه كمال واجباتها، فهذا القدرُ من الإحسان فيها واجب، وأمَّا الإحسانُ فيها بإكمالِ مستحباتها فليس بواجب.والإحسانُ في ترك المحرَّمات: الانتهاءُ عنها، وتركُ ظاهرها وباطنها، كما قال تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} الأنعام:120. فهذا القدرُ من الإحسّان فيها واجب.وأمر النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم بإحسانِ القتلِ والذّبح، وأمر أنْ تُحَدَّ الشّفرةُ، وأنْ تُراح الذّبيحة، يشير إلى أنَّ الذّبح بالآلة الحادة يُرِيحُ الذّبيحة بتعجيل زهوق نفسها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات