38serv

+ -

الإسلام وهو يضع هذه العقوبات الصّارمة الحاسمة لتلك الفعلة المستنكرة الشّائنة لم يكن يغفل الدّوافع الفطرية أو يحاربها. إنّما أراد الإسلام محاربة الحيوانية الّتي لا تفرّق بين جسد وجسد أو لا تهدف إلى إقامة بيت وبناء عش، وإنشاء حياة مشتركة، لا تنتهي بانتهاء اللّحظة الجسدية الغليظة. وأن يقيم العلاقات الجنسية على أساس من المشاعر الإنسانية الرّاقية، الّتي تجعل من التقاء جسدين نفسين وقلبين وروحين، وبتعبير شامل التقاء إنسانين، تربط بينهما حياة مشتركة وآمال مشتركة وآلام مشتركة، ومستقبل مشترك يلتقي في الذرية المرتقبة، ويتقابل في الجيل الجديد الّذي ينشأ في العش المشترك الّذي يقوم عليه الوالدان حارسين لا يفترقان. من هنا شدّد الإسلام في عقوبة الزنا بوصفه نكسة حيوانية، تذهب بكلّ هذه المعاني وتطيح بكلّ هذه الأهداف النّبيلة بالنّسبة للفرد والمجتمع على السّواء. والتّشديد في عقوبة الزّنا لا يغني وحده في صيانة حياة الجماعة وتطهير الجوّ الّذي تعيش فيه. والإسلام لا يعتمد على العقوبة في إنشاء الحياة النّظيفة كما قلنا، إنّما يعتمد على الضمانات الوقائية وعلى تطهير جو الحياة كلّها من رائحة الجريمة.لذلك يعقّب على حدّ الزّنا بعزل الزُّناة عن جسم الأمّة المسلمة، ثمّ يمضي في الطّريق خطوة أخرى في استبعاد ظلّ الجريمة من جوّ الجماعة فيعاقب على قذف المحصنات واتّهامهنّ دون دليل أكيد، قال جلّ علاه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ} النّور:4-5.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات