في وقتٍ كثر فيه الحديث عن دعم الحريات بمختلف أنواعها في البلاد، وخاصة الحريات السياسية والنقابية وحرية التنظيم والتعبير، يقوم رئيس جامعة بـ “تحريش” أحد حراسها المفتولي العضلات بالاعتداء على أساتذة أرادوا عقد اجتماع لهم من أجل انتخاب فرع لنقابة أساتذة الجامعة “كناس”.حجة رئيس الجامعة في منع الأساتذة من الاجتماع هي أنه ووزير التعليم العالي لا يعترفون بتنظيم اسمه “كناس”، لأن نقابة سيدي السعيد لا تعترف بتنظيم الأساتذة هذا! ولهذا منع الأساتذة من الاجتماع بالقوة في إحدى قاعات الجامعة وبطريقة هي أقرب إلى “البلطجة” التي يمارسها حزبٌ “كبير” في التعامل مع مناضليه في القسمات والاتحاديات ومؤسساتها الحزبية.!نفس الظاهرة التي حدثت في هذه الجامعة حصلت أيضا في جامعة المسيلة، فقد مُنع الأساتذة من الاجتماع لاختيار فرع نقابي لـ “كناس” بهذه الجامعة! ولحسن الحظ أن مسؤولي جامعة المسيلة كانوا أكثر تحضُّرا من مسؤولي الجامعة الأولى، فلم يعنفوا الأساتذة عبر “تحريش” الحُجَّاب والحراس عليهم، بل منعوهم من الاجتماع بلباقة! وقد اضطر الأساتذة في المسيلة لتنظيم مسيرة نحو ولاية المسيلة ليشكوا أمرهم للوالي، ولكن الوالي قال لهم إن هذا الأمر لا يخصه!حكاية المنع الأساتذة بالقوة من الاجتماع في مدرجات الجامعة ذكرتني بحكاية “تحريش” الشرطة من قِبل رئيس حكومةٍ لقمع تجمع للأساتذة أمام رئاسة الحكومة في التسعينيات، وتمت إهانة خيرة أساتذة الجزائر آنذاك بالهراوات، وكان من بين المهانين المرحومان أبو القاسم سعد الله وعبد الله الركيبي! ومن أمر بإهانة الأساتذة بهراوة الشرطة هما رئيس حكومة ووزيرٌ للتعليم العالي لم يتخرج أيٌّ منهما من الجامعة، بل تخرجا من مدرسة التكوين المهني التي تُسمى مدرسة الإدارة التابعة لوزارة الداخلية، ومن مدرسة الدعاية السوفيتية التي تسمى جامعة بانويس لومباني موسكو! نفس الممارسات ما تزال اليوم في جامعة حوَّلت فيها الرداءةُ الحياةَ العلمية للجامعة إلى روضةٍ للأطفال.الحكومة في التسعينيات قمعت الأساتذة الجامعيين بهراوات الشرطة، أما اليوم فقد تدهور الوضع، وصار رؤساء الجامعات يقمعون الأساتذة بهراوات الحرّاس والحُجاب..اِبك يا وطني الحبيب على الحرية والعلم في بلادنا.!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات