لغط كثير حول قضية خيبة الفريق الوطني في ”كان” الغابون، وحول مسؤولية روراوة واتحاديته في ما حصل، وحول من يجب عليه أن يدفع ثمن هذا الإخفاق.. وبصراحة نقول:1- الحمد لله أن الكرة هي المجال الوحيد الذي يطلب فيه الشعب الحساب من المسؤولين عن القطاع... ومع ذلك يعرف هذا القطاع ما يعرف من إخفاقات.. فماذا لو أن عين الشعب المسلطة على إخفاقات الكرة تسلط أيضا على سوء الأداء الحكومي في مجالات الاقتصاد والسياسة والإدارة والصحة والتعليم؟! أليس حال هذه القطاعات أسوأ من حال الكرة على مستوى الأداء؟!2- لقد هزني القول بأن إخفاق روراوة في ”كان” الغابون، يمكن أن نتجاوزه، لأن الرجل جعل من الكرة أداة لتجنيب البلاد الربيع العربي! أي أنه زج بالكرة في أتون السياسة، وهذه وحدها كافية لاتهامه بالتقصير وتوظيف الكرة في السياسة، وهو فعل يعاقب عليه القانون الجزائري قبل قانون الفيفا والكاف. وبهذا المفهوم، فإن خيبة روراوة مزدوجة من حيث أنه أضاع الكرة في أتون السياسة، ولم يقدم شيئا للسياسة برهن الكرة سياسيا، والأمر هنا لا يخص روراوة وحده ولا يخص الاتحادية التي يرأسها فقط، بل يخص الحكومة ومن وظف روراوة لخدمة السياسة عوض خدمة الكرة.3- القول بأن روراوة جلب المال من غير خزينة الدولة، ولذلك لا يمكن أن نحاسبه، قول فيه مغالطة كبيرة... فالأموال التي وظفتها الاتحادية آتية من الرعاية الإشهارية لمؤسسات وطنية وخاصة مثل موبيليس والخطوط الجوية الجزائرية وأوريدو وجازي وشركات أخرى خاصة وعامة... وكل هذه المبالغ تقدمها هذه الشركات كرعاية للفريق الوطني إشهاريا، وفي نفس الوقت تخصم من فاتورة الضرائب التي تدفعها هذه الشركات للدولة... ومعنى ذلك أن هذه الأموال هي أموال دافعي الضرائب وليس أموال روراوة أو الشركات الراعية!4- القول بأن الحكومة الجزائرية ليس لها الحق في محاسبة أو حتى مساءلة الاتحادية وروراوة، لأن ذلك قد يؤدي إلى غضب ”الفيفا” على الجزائر ومعاقبتها، هذا الكلام غير صحيح، فـ”الفيفا” لا تتدخل في مسألة محاسبة الحكومة للاتحادية في مسألة الفساد وسوء التسيير.. لأن ذلك يتعارض مع أهداف ”الفيفا” نفسها، والتي تهدف إلى تطوير الكرة ومحاصرة الفساد وسوء التسيير فيها، وإلا كان الأمر مدعاة إلى القول بأن ”الفيفا” لا تشجع تطور الكرة في البلدان الأعضاء!الحكومة التي تسلم للاتحادية شبابا بالملايين يهتف للفريق الوطني، وتسلم له علما ونشيدا وطنيا وملاعب وأجهزة إعلام تسبّح بحمد الاتحادية، من حقها أن تسأل هذه الاتحادية عن النتائج... يحدث هذا عند كل الدول.. عند الفرنسيين والألمان والإنجليز وغيرهم، ولا يؤدي ذلك إلى الاتهام بالمساس بحرية الفيدراليات الكروية في هذه البلدان.5- لا يمكن أن نطالب روراوة والاتحادية بالحساب وحدهما، بل لابد أن نطالب أيضا الحكومة بتقديم الحساب للشعب الجزائري في هذا الموضوع! ولا شك أن تسليط الضوء على ما حدث سيكشف ممارسات تنسينا حكاية الهزيمة النكراء في الـ”كان”.ومازلت أقول إن ما حدث في الغابون هو شيء إيجابي رغم مرارته، فقد يؤدي ذلك إلى فصل الكرة عن السياسة وعن التوظيف السياسي للكرة الذي يفتخر به أتباع روراوة ويعتبرونه نقطة إيجابية له. ولعل البداية تكون بالكرة في موضوع الحساب، لتشمل بقية القطاعات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات